قال أبو إسحاق: أي إذا دعاكم للبعث حييتم بعد الموت (١). ولهذا جعل بعضهم تمام الوقف عند قوله: ﴿دَعْوَةً﴾؛ لأن قوله: ﴿مِنَ الْأَرْضِ﴾ ليس من صلة الدعوة، وهو من صلة ﴿تَخْرُجُونَ﴾ وهو مذهب نافع؛ قال يعقوب: هذا من الوقف الذي يحق على العالم علمه. وخالفه أبو حاتم؛ وقال: أظن الوقف: ﴿دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ﴾ أي: وأنتم في الأرض، كما تقول: دعاكم من القبور، ودعوت فلانًا من بيته، أي: هو في بيته (٢).
وقال النحاس: ﴿إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً﴾ ليس بوقف؛ لأنه لم يأت بجواب ﴿إِذَا﴾ وجواب ﴿إِذَا﴾ على قول الخليل وسيبويه: ﴿أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ أي: خرجتم. وكذا قال سيبويه: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ [الروم: ٣٦] تقديره عنده: قنطوا (٣). والقول ما قال النحاس.
٢٦ - قوله تعالى: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ قال مقاتل: كلهم عبيده، وفي ملكه (٤) ﴿كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ قال: يعني: مقرون له بالعبودية، يعلمون أن الله ربهم وهو خلقهم. وهذا قول قتادة واختيار ابن قتيبة (٥). والقنوت على هذا القول معناه: طاعة الإقرار (٦).
(٢) "القطع والائتناف" ٢/ ٥٣٢.
(٣) "القطع والائتناف" ٢/ ٥٣٢. وقد سئل سيبويه الخليلَ عن هذه الآية، "الكتاب" ٣/ ٦٣، وذكره المبرد في "المقتضب" ٢/ ٥٨. وإنما قدمت كتاب النحاس لنقل الواحدي عنه مذهب الخليل وسيبويه.
(٤) "تفسير مقاتل" ٧٨ ب.
(٥) أخرجه ابن جرير ٢١/ ٣٥، عن قتادة. و"تأويل مشكل القرآن" ص ٤٥٢، و"غريب القرآن" ص ٣٤٠. وهو قول مقاتل ٧٨ ب.
(٦) ذكر ابن الأنباري أن القنوت ينقسم في كلام العرب على أربعة أقسام: الطاعة، =