من ذلك فلا يقدر قادر أن يرسله (١). وهذا معنى قول ابن عباس والمفسرين في هذه الآية (٢).
٣ - وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ قال ابن عباس: يريد أهل مكة (٣). ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ قال: يريد حيث أسكنكم الحرم ومنعكم من جميع الغارات (٤). وقد ذكرنا معنى النعمة فيما تقدم.
وقال الفراء: (وما كان من هذا في القرآن فمعناه: احفظوا، كما تقول: اذكر أيادي عندك أي: احفظها) (٥).
وقوله: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ قال أبو إسحاق: (هذا ذكر بعد قوله: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ فأكد ذلك بان جعل السؤال لهم: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ قال: ورفع غير على معنى هل من خالق غير الله؛ لأن من مؤكدة) (٦).
وقال أبو علي: (من جر ﴿غَيْرُ﴾ جعله صفة على اللفظ، وذلك حسن لاتباعه الجر الجر. وقوله: ﴿مِنْ خَالِقٍ﴾ في موضع رفع بالابتداء، وخبره قوله: ﴿يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾، وزيادة من في غير الإيجاب كثير، نحو: هل من رجل، و ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٦٢]. ومن رفع

(١) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٦٢.
(٢) انظر: "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٣٦٤، "الطبري" ٢٢/ ١١٥، "الماوردي" ٤/ ٤٦٢، "بحر العلوم" ٣/ ٨٠.
(٣) انظر: "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٣٦٤، وذكره الطبري ٢٢/ ١١٥، بدون نسبة وابن الجوزي في "زاد المسير" ٦/ ٤٧٤ ونسبه للمفسرين.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) انظر: "معاني القرآن" ٢/ ٣٦٦.
(٦) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٦٢


الصفحة التالية
Icon