بطاعة الله، فإن العزة لله جميعًا (١). وعلى هذا في الآية محذوف دل عليه الكلام، والمعنى: أن عبدة الأصنام طلبوا التعزز بها، يدل على هذا هذا قوله: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [النساء: ١٣٩]، وقوله: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا﴾ [مريم: ٨١] فأخبر الله تعالى أن العزة لله جميعًا لا غيره، فلا يعتز أحد بعبادة غيره وإنما التعزز بطاعة الله. ثم بين كيف يتعزز بطاعته فقال: قوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ قال مقاتل والمفسرون: إلى الله يصعد كلمة التوحيد، وهو: قول لا إله إلا الله (٢).
وقال أبو إسحاق: (أي إليه يصل الكلام الذي هو توحيده، والله تعالى يرتفع إليه كل شيء) (٣). وعلى ما ذكر، معنى الصعود إليه: الارتفاع، وهو بمعنى العلم كما يقال: ارتفع هذا الأمر إلى القاضي وإلى السلطان، أي: علمه، وفي تخصيص الكلم الطيب بعلمه إثبات للثواب عليه (٤) ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ﴾ [الأنعام: ٣٣] فنثيبك (٥) عليه.
وقال بعض أهل المعاني: يعني إليه يصعد إلى سمائه، والمحل الذي لا جري لأحد سواه فيه ملك ولا حكم (٦). ﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ قال

(١) انظر: "تفسير مجاهد" ص ٥٣١، "تفسير مقاتل" ١٠٢ ب، "تفسير الطبري" ٢٢/ ١٢٠، "زاد المسير" ٦/ ٤٧٧.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٠٢ أ. وانظر: "تفسير البغوي" ٣/ ٥٦٦، "تفسير القرطبي" ١٤/ ٣٢٩، "زاد المسير" ٦/ ٤٧٨.
(٣) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٦٥.
(٤) يبدو أن هناك سقط في الكلام يمكن تقديره بنحو: يدل عليه قوله تعالى.
(٥) في (ب): (فثبك).
(٦) المؤلف رحمه الله في هذا الموضع فيه تأويل لصفة الحلو والفوقية، وهذا =


الصفحة التالية
Icon