وعلى هذا لا يحتاج إلى إضمار؛ لأن المعنى يمنعهما الزوال. وقال أبو عبيدة: في هذه الآية سبيلهما سبيل قوله: ﴿أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾ [الأنبياء: ٣٠] (١). يعني: أنه ذكر السموات والأرض، ثم أعاد الكناية إليهما كما تعاد إلى الاثنين. قال الأخفش: جعل السموات صنفا كالواحد (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ زَالَتَا﴾ قال الفراء: (يعني ولو زالتا، كقوله: ﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا﴾، وقوله: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ ولئن ولو، وهما متآخيتان يجابان بجواب واحد) (٣).
وقال أبو إسحاق: هذا على وجهين:
أحدهما: أنه أراد زولانهما في القيامة قال الله -عز وجل-: ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾ [التكوير: ١١] والثاني: أن يقال: إن زالتا وهما لا يزولان. هذا كلامه (٤). والمعنى في الوجه الأول أن زوالهما جائز ولان (٥) في القيامة، وفي الوجه الثاني قيل: ولئن زالتا، على التقدير: لا أنهما تزولان ما دامت الدنيا.
وقال مقاتل: يعني: ولئن أرسلتهما فزالتا (٦)، وأضمر الإرسال.
وقوله تعالى: ﴿إِنْ أَمْسَكَهُمَا﴾ قال أبو عبيدة: أي لا يمسكهما (٧).

(١) "مجاز القرآن" ٢/ ١٥٦.
(٢) انظر: "معاني القرآن" ٢/ ٤٨٧.
(٣) انظر: "معاني القرآن" ٢/ ٣٧٠.
(٤) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٧٤.
(٥) هكذا في النسخ! ولعله تصحيف، والصواب: وكائن.
(٦) انظر: "تفسير مقاتل" ١٠٤ ب.
(٧) "مجاز القرآن" ٢/ ١٥٦.


الصفحة التالية
Icon