أنذر آباؤهم فتلقي الباء، فيكون ﴿مَا﴾ في موضع نصب كما قال: ﴿أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً﴾ [فصلت: ١٣]) (١).
وقال الأخفش: (أي لم تنذر آباءهم؛ لأنهم كانوا في الفترة، قال: وقال بعضهم: لتنذر الذي أنذر آباؤهم، ثم اختار القول الأول؛ لقوله: ﴿فَهُمْ غَافِلُونَ﴾، ودخول الفاء على المعنى الثاني كأنه لا يجوز، وهو على الأول أحسن) (٢) هذا كلامه. ومعناه: أنك إذا جعلت ﴿مَا﴾ إثباتًا بمعنى الذي، لم يحسن دخول الفاء في ﴿فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ فإذا جعلته نفيًا حسن.
قال أبو إسحاق: (الاختيار أن ﴿مَا﴾ جحدٌ؛ لأن قوله: ﴿فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ دليل على معنى لم ينذر آباؤهم، وإذا كان قد أنذر آباءهم كان في قوله: ﴿فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ بُعدٌ. قال: ودليل النفي قوله: ﴿وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾ [سبأ: ٤٤] (٣).
٧ - وقوله تعالى: ﴿لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ قال مقاتل: (وجب العذاب على أكثر أهل مكة، قال: ويعني بالقول قوله لإبليس: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ﴾ [ص: ٨٥]) (٤).
قال أبو إسحاق: (القول هاهنا -والله أعلم- مثل قوله: ﴿وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [الزمر: ٧١]) (٥).
(٢) "معاني القرآن" ٢/ ٤٨٨.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٧٨
(٤) "تفسير مقاتل" ١٠٥ أ.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٧٨.