منعناهم عن الإيمان بموانع، وهذا قول أبي عبيدة (١).
وقال الفراء: معناه إنا حبسناهم عن الإنفاق في سبيل الله (٢). وكان هذا الوجه أوضح؛ لقوله فيما بعد: ﴿وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ﴾ الآية.
﴿فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ﴾ قال الفراء: (هي كناية عن الإيمان ولم يذكر، وذلك أن الغل لا يكون إلا في اليمين والعنق، جامعًا لليمين والعنق فكفى ذكر أحدهما عن صاحبه كما قال: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ [البقرة: ١٨٢] فضم الورثة إلى الوصي ولم يذكروا؛ لأن الصلح بما بقى من الوصي والورثة، ومثله قول الشاعر:

وما أدري إذا يممت وجهًا أريد الخير أيهما يليني (٣)
وإنما ذكر الخبر وحده، ثم قال: [أيهما] (٤) وذلك أن الشر يذكر مع الخير، وهي في قراءة عبد الله (إنا جعلنا في أيمانهم) فكفت الأيمان عن ذكر الأعناق في حرف عبد الله، وكفت الأعناق في قراءة العامة) (٥) عن ذكر الأيمان ونحو هذا قال الزجاج سواء، قال: (ومثل هذا قوله: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ ولم يذكر البرد؛ لأن ما يقي الحر يقي البرد) (٦).
(١) انظر: "القرطبي" ١٥/ ٨، "فتح القدير" ٤/ ٣٦١.
(٢) "معاني القرآن" ٢/ ٢٧٣.
(٣) البيت من الوافر، وهو للمثقب العبدي في نونيته، في "ديوانه" ص ٢١٢، "الخزانة" ١١/ ٨٠، وبلا نسبة في: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٧٢، "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٤/ ٢٧٩.
(٤) هكذا جاء في النسخ، وما بين المعقوفين يظهر أنه زائد؛ لأنه ليس في "معاني القرآن" للفراء، ولا معنى له كذلك.
(٥) "معاني القرآن" ٢/ ٣٧٢ - ٣٧٣.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٨٠.


الصفحة التالية
Icon