وجه الأرض ولم يبق منهم باقية (١). وقال قتادة: ما نوظروا بعد قتلهم إياه حتى أخذتهم الصيحة (٢).
قال الزجاج: (ما كانت عقوبتهم إلا صيحة واحدة فإذا خامدون: أي ساكتون، قد ماتوا وصاروا بمنزلة الرماد الخامد) (٣).
٣٠ - وقوله تعالى: ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ معنى الحسرة في اللغة: أشد الندامة، وذكرنا اشتقاقها فيما تقدم (٤)، وهذه نكرة موصوفة، قال الفراء: (والعرب إذا نادت نكرة موصولة بشيء آثرت النصب، يقولون: يا رجلاً كريمًا أقبل، ويا راكبًا على البعير أقبل) (٥).
وقال المبرد: نصبه كنصب نداء النكرة، كقولك: يا رجلاً أقبل، ومثله قول الصلتان:

فيا شاعرًا لا شاعرَ اليومَ مثلُه (٦) جريرٌ (٧) ولكن في كليبٍ تواضعُ (٨)
(١) انظر: "ابن كثير" ٣/ ٥٦٩.
(٢) انظر: "المحرر الوجيز" ٤/ ٤٥٢، "ابن كثير" ٣/ ٥٦٩.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٨٣.
(٤) عند قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [سورة مريم: ٣٩]. قال المؤلف رحمه الله هناك: والحسرة هي الندامة، يتحسر المسيء هلَّا أحسن العمل، ولم يذكر اشقاق الحسرة فعله وهم رحم الله حينما أحال على ذلك الموضع.
(٥) "معاني القرآن" ٢/ ٣٧٥.
(٦) هكذا في النسخ، والصواب: (أيا شاعرًا لا شاعر اليوم مثله).
(٧) في (ب) زيادة في أول الشطر الثاني: (ومعنى)، وهو خطأ.
(٨) البيت الطويل. وهو للصلتان العبدي في "الكامل" ٣/ ١١١١، "المقتضب" =


الصفحة التالية
Icon