منه، فالفعل يتصل به من أحد الوجهين، وهذا كما تقول في المصدر فإنه سمي (١) به الفاعل مرة والمفعول أخرى، نحو: درهم ضرب الأمير، ونسج اليمن، وكقول ﴿إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا﴾ [الملك: ٣٠] أي: غائرًا وهو كثير، وكذلك يضاف المصدر (٢) إلى الفاعل مرة ومرة إلى المفعول، لاشتماله عليهما واشتراكهما في التسمية به. والمشحون: المملوء.
قال أبو عبيدة: يقال: شحنت المدينة وأشحنتها، إذا ملأتها (٣). قال مقاتل: يعني الموقر من الناس والدواب (٤).
٤٢ - وقوله: ﴿وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد السفن مثل مركب نوح. وهذا قول مقاتل والحسن وأبي صالح والسدي عن أبي مالك. كل هؤلاء قالوا: يعني السفن الصغار، فإنها عملت بعد سفينة نوح على صنعتها (٥).
وقال آخرون: يعني الإبل. وهو قول عكرمة وعبد الله بن شداد (٦).
وذكر الكلبي القولين جميعًا، وقال: في البحر السفن، وفي البر الإبل (٧). والظاهر القول الأول؛ لأنه قال: ﴿مِنْ مِثْلِهِ﴾، والسفن هي التي

(١) في (ب): (سعى)، وهو تصحيف.
(٢) جاءت العبارة في (أ) هكذا: وكذلك يضاف المصدر إلى المصدر مرة إلى الفاعل ومرة إلى المفعول، وهو خطأ.
(٣) "مجاز القرآن" ٢/ ١٦٣.
(٤) "تفسير مقاتل" ١٠٧ أ.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ١٠٧ أ، "الطبري" ٢٣/ ١٠، "الماوردي" ٥/ ١٩، "بحر العلوم" ٣/ ١٠١.
(٦) انظر: "الطبري" ٢٣/ ١١، "الماوردي" ٥/ ٢٠، "زاد المسير" ٧/ ٢٢.
(٧) لم أقف عليه عن الكلبي. وانظر: "القرطبي" ١٥/ ٣٥، "المحرر الوجيز" ٤/ ٤٥٥.


الصفحة التالية
Icon