الآخرة فاعملوا لها، وما خلفكم من أمر الدنيا فاحذروها ولا تغتروا بما فيها من زهرتها (١).
وقال مجاهد: ما بين أيديكم ما يأتي من الذنوب، وما خلفكم ما مضى منها (٢). وذكر أبو إسحاق على القلب من هذا فقال: ما بين أيديكم ومما أسلفتم من ذنوبكم، وما خلفكم وما تعملونه فيما تستقبلون (٣).
وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ قال ابن عباس ومقاتل: لكي ترحموا (٤).
وقال أهل المعاني: لتكونوا على رجاء رحمته، وهو قول أبي إسحاق (٥).
وذكرنا هذا فيما تقدم أولاً (٦)، وجواب إذا محذوف على التقدير: إذا قيل لهم هذا أعرضوا، يدل على هذا المحذوف قوله: ﴿وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ﴾ أي: عبرة ودلالة تدل على صدق محمد -صلى الله عليه وسلم- كاشتقاق (٧) القمر وغيره من الآيات.
٤٦ - وقوله: ﴿إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ قال الفراء: (هذا جواب لقوله: ﴿وَمَا تَأْتِيهِمْ﴾. وفيه جواب لقوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُم﴾؛ لأن المعنى: إذا قيل

(١) انظر: "بحر العلوم" ٣/ ١٠١.
(٢) "تفسير مجاهد" ص ٥٣٥.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٨٩.
(٤) "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٣٨١، "تفسير مقاتل" ١٠٧ ب. وانظر: "مجمع البيان" ٨/ ٦٦٧.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٣٠٦.
(٦) ذكر المؤلف رحمه الله ذلك عند تفسير للآية: ١٥٥ من سورة الأنعام، وهي قوله تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.
(٧) هكذا جاء في النسخ، وهو تصحيف، والصواب: كانشقاق القمر.


الصفحة التالية
Icon