تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] نزلت في النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة، نُهي أن يُهدِي هدية فيُهدَى له أفضل منها، وحَرُم ذلك عليه خاصة (١).
وقال السدي: الربا في هذا الموضع: الهدية يهديها الرجل لأخيه، طلبَ المكافأة، فإن ذلك لا يربو عند الله، ولا يؤجر عليه صاحبه. وقال سعيد بن جبير: هذا في الرجل يُعطِي ليثابَ عليه (٢). هذا قول المفسرين في هذه الآية.
وشرحها أهل المعاني؛ فقال أبو إسحاق: يعني به: دفعُ الإنسان الشيء ليعوض ما هو أكثر منه، فذلك ليس بحرام، ولكنه لا ثواب فيه؛ لأن الذي يهبه يستدعي به ما هو أكثر منه (٣).
وقال أبو علي الفارسي: ﴿مَا﴾ في قوله: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ﴾ يحتمل تقديرين؛ يجوز أن تكون للجزاء (٤)، ويجوز أن تكون موصولة؛ فإن قدرتها جزاء كانت في موضع نصب بـ: ﴿آتَيْتُمْ﴾ وقوله تعالى: ﴿فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾ في موضع جزم بأنه جواب للجزاء، ويقوي هذا الوجه: قوله: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ﴾ ألا ترى أنه لو كان مبتدأً لعاد عليه ذكرٌ، وإن جعلتها موصولة كان موضع ﴿مَا﴾ رفعًا بالابتداء، و ﴿آتَيْتُمْ﴾ صلة، والعائد

(١) تفسير ابن جرير ٢١/ ٤٦، ولم ينسبه. وقد كُتب في "تفسير ابن جرير" بعد قول الضحاك مفصولًا عنه، فلعله من قول الضحاك، وفصْله عنه خطأٌ، وقد أورده السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ٤٩٥، من كلام الضحاك، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم. وذكره عن الضحاك الثعلبي ٨/ ١٦٩ أ. ذكر ابن كثير ٨/ ٢٦٤، في آية المدثر أربعة أقوال، استظهر منها القول الذي اقتصر عليه الواحدي.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢١/ ٤٦.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٨٧، بمعناه.
(٤) أي: اسم شرط جازم.


الصفحة التالية
Icon