أموال الناس بما آتيتم، أي: تستدعونها وتجلبونها، وكأنه من: أربى إذا صار ذا زيادة، مثل: أقطف وأجدب (١).
وقوله: ﴿فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾ أي: لأنكم إنما قصدتم إلى زيادة العِوض، ولم تقصدوا وجه البر والقربة، ولو قصدتم به وجه الله لكان كقوله: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ﴾ وفي (مَا) هذه الوجهان ذكرناهما في (مَا) في أول الآية؛ فإن جعلتها: الموصولة فهي في موضع رفع، و (ءَاتَيْتُم) صلة، والراجع إلى الموصول محذوف، على تقدير: آتيتموه.
قال: (وَمَاءَاتَيْتُم) ثم قال: (فَأُولَئِكَ) فانتقل من الخطاب إلى الغيبة (٢)، كما جاء في ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ [يونس: ٢٢] (٣). والفاء دخلت على: (فَأُولَئِكَ) لذكر الفعل في الصلة، والجملة في موضع خبر المبتدأ الذي هو: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ﴾ ويقدر راجعًا محذوفًا، التقدير: فأنتم المضعفون به. أي: ذوو الضعف بما آتيتم من زكاة، فحذفت العائد على حد ما حذفته من قولك: السمن منوان بدرهم (٤).
(٢) "المسائل الحلبيات" ص ٨٥.
(٣) ذكر هذا ابن قتيبة، "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٨٩.
(٤) ساق هذا المثال للتدليل على حذف العائد المجرور، وتقديره: السمن منوان منه بدرهم، فحذف منه لدلالة السياق عيه، كما قدر في الآية: فأنتم المضعفون به. والله أعلم. والمَنَّ: معيار قديم يكال به أو يوزن. "لسان العرب" ١٣/ ٤١٨ (منن)، و"المعجم الوسيط" ٢/ ٨٨٨.