بالآية؛ منها قول قتادة: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ﴾ فقال: هو الشرك امتلأت الأرض ظلمًا وضلالة، قبل أن يبعث الله نبيه (١).
قال مجاهد: قَتْلُ ابنِ آدم أخاه في البر، وأخذُ الملِك السفنَ غصبًا في البحر (٢).
قال الحسن: أفسدهما الله بذنوبهم في بر الأرض وبحرها ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ يرجع مَنْ بعدهم (٣). وهذه الأقوال مرذولة فاسدة ليست تحسن في تفسير هذه الآية (٤).

(١) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ١٠٤، وابن جرير ٢١/ ٤٩.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢١/ ٤٩.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢١/ ٤٩، ٥٠. وأخرج عن ابن زيد: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ قال: الذنوب.
(٤) كان الأولى بالواحدي أن يبين ضعف هذه الأقوال دون الحاجة لوصفها بهذا الوصف.
فعلى القول الذي صححه الواحدي يكون المراد بالفساد: ما أصاب الناس من القحط والجدب. وعلى القول الثاني الذي رده الواحدي، المراد بالفساد: ظهور الشرك والمعاصي في كل مكان، من البر والبحر، وانتشار الظلم، وحصول النقص في الخيرات، والحروب، والكوارث، ونحو ذلك كلُه ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ أي: بذنوب الناس انتشر الشر والظلم والفسق والفجور في البر والبحر. وقد اقتصر على هذا القول ابن جرير ٢١/ ٥٠، قال: "فتأويل الكلام إذًا إذ كان الأمر كما وصفت: ظهرت معاصي الله في كل مكان، من بر وبحر ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ أي: بذنوب الناس، وانتشر الظلم فيهما". وقد تأول ابن جرير هذا القول من أقوال قتادة، ومجاهد، والحسن، التي وصفها الواحدي بأنها: أقوال مرذولة!؛ والصواب أنها أقوال مناسبة لسياق الآية، ولظاهرها كما يدل عليه تمثيل مجاهد للفساد في البحر: بأخذ السفن غصبا، وهذا هو مقتضى الحكمة، والقول الذي =


الصفحة التالية
Icon