وقوله: ﴿فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ﴾ مفسر في سورة: النور (١) ﴿فَإِذَا أَصَابَ بِهِ﴾ بالمطر ﴿مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ يفرحون بنزول المطر عليهم (٢).
٤٩ - ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ﴾ اختلفوا في تفسير ﴿قَبْلِ﴾ فذكر أبو إسحاق وابن الأنباري فيه قولين؛ أحدهما: أن الأُولى: داخلة في الإنزال، والثانية: على المطر، والمعنى: ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ﴾ إنزال المطر، من قبل المطر، فلما دخلت الثانية على غير ما دخلت عليه الأولى صلح الجمع بينهما، كما تقول: أجيئك من قبل أن تجلس، مِنْ قبل أن تبلغ إلى المجلس، فلا تُنكر الإعادة إذا اختلف الشيئان. هذا كلام أبي بكر (٣)، وهو قول قطرب (٤).
القول الثاني: أن تكرير ﴿قَبْلِ﴾ إطناب بمعنى: التوكيد (٥). والمعنى: وإن كانوا من قبل إنزال المطر ﴿لَمُبْلِسِينَ﴾ قال أبو إسحاق: والقول ما

= "قوله تعالى: ﴿كِسَفًا﴾ فيه وجهان من القراءة؛ جزم السين وفتحها، قال أبو زيد: يقال كسفت الثوب أكْسِفُه كَسْفُا، إذا قطعته قِطَعًا.. قال الفراء: وسمعت أعرابيًا يقول لبزاز: أعطني كِسْفة، يريد: قطعة كقولك: خِرْقَه، روى عمرو عن أبيه: يقال لِخِرَق القميص قبل أن يُؤَلَّفَ: الكِسَف، واحدها كِسْفَة".
(١) عند قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا..﴾ [٤٣].
(٢) "تفسير مقاتل" ٨٠ ب.
(٣) المراد به: ابن الأنباري؛ ولم أقف على قوله.
(٤) نسبه لقطرب الزجاج ٤/ ١٨٩، والثعلبي ٨/ ١٧٠ أ. وحكاه ابن جرير ٢١/ ٥٤، ولم ينسبه. أي: لما اختلف المضاف إلى الضمير لفظًا صح تكراره، والمعنى واحد، فالأول من قبل إنزال المطر، والثاني من قبل المطر، والمطر لا يكون إلا تنزيلًا.
(٥) هذا قول الأخفش. "معاني القرآن" ٢/ ٦٥٨، واختاره ابن جرير ٢١/ ٥٤.


الصفحة التالية
Icon