وقال الزجاج: في علم الله المثبت في اللوح المحفوظ (١).
وقال صاحب النظم: في حكم الله الذي حكم به في قوله: ﴿وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾. وأما المفسرون فإنهم يقولون: هذا على التقديم؛ على تقدير: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ ﴿فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ وهو قول الكلبي وقتادة (٢). وهذا يحتمل تأويلين؛ أحدهما: الذين يعلمون كتاب الله فلهم فيه علم. والثاني: الذين حكم لهم في كتاب الله بالعلم، وأخبر في الكتاب عن علمهم.
قوله تعالى: ﴿فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ﴾ أي: اليوم الذي كنتم تنكرونه في الدنيا، وتكذبون به. ﴿وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ وقوعه في الدنيا فلا ينفعكم العلم به الآن؛ يدل على هذا المعنى قوله تعالى:
٥٧ - ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ قال ابن عباس: يريد: لا يُقبل من الذين أشركوا عذر، ولا عتاب، ولا توبة ذلك اليوم. وقرئ ﴿لَا يَنْفَعُ﴾ بالياء (٣)؛ لأن التأنيث ليس بحقيقي، وقد
(٢) ذكره السيوطي عن قتادة، وعزاه لابن أبي حاتم، وعبد بن حميد. "الدر المنثور" ٦/ ٥٠٢. وقد وقع خطأ في كتابة قول قتادة في تفسير ابن جرير ٢١/ ٥٧، حيث كتب: هذا من مقاديم الكلام، وتأويلها: وقال الذين أوتوا الإيمان والعلم: لقد لبثتم في كتاب الله. والصواب ما ذكره السيوطي في الدر، ونسبه أيضًا لابن جرير. وقال بقول قتادة: مقاتل ٨١ أ. ونسبه لقتادة ومقاتل الثعلبي ٨/ ١٧١ أ.
(٣) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر: ﴿لَا تَنفَعُ﴾ بالتاء، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: ﴿لَا يَنْفَعُ﴾ بالياء. "السبعة في القراءات" ص ٥٠٩، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٥٠، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٤٦.