فلما اقتصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على وضع الأصبع في الأذن ولم يصرح بالنهي عنه، دل على ما ذكرنا. وأما غناء الفساق فذلك أشد ما في الباب. وذلك لكثرة الوعيد الوارد فيه، وهو: ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من استمع إلى قينة صب في أذنيه الآنك يوم القيامة" (١).
وأما الدف فمباح، ضرب بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم دخل المدينة فهم أبو بكر بالزجر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح" فكن يضربن ويقلن:
نحن بنات النجار... حبذا محمد من جار (٢)
وأما الحركة التي تعتري الإنسان عند السماع، فما حصل منه والإنسان فيه كالمغلوب فذلك لا يعد سفهًا. فقد روي أن زيد بن حارثة لما نزل اسمه في القرآن حجل (٣) (٤). وأما حالة الاختيار فذلك غير حميد. فمعناه:

= عساكر. وأورده السيوطي في "الدر" ٦/ ٥٠٧، وعزاه لابن أبي الدنيا، والبيهقي عن نافع.
(١) ذكره صاحب "كنز العمال" ٣/ ٦٦٢، وقال: أخرجه ابن عساكر عن أنس.
(٢) ذكر هذا الأثر الإمام ابن كثير في "البداية والنهاية" ٣/ ٢١٩، وفي "السيرة النبوية" ٢/ ٢٧٤، وقال عنه: هذا حديث غريب من هذا الوجه، لم يروه أحد من أصحاب السنن، وقد خرجه الحاكم في "مستدركه" كما يروى. وذكره الحلبي في "السيرة الحلبية" ٢/ ٢٤٦، وأورده كذلك الشامي في "سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد" ٣/ ٢٧٤.
(٣) حجل، قال الأزهري: الإنسان إذا رفع رجلاً وتريث في مشيه على رجل فقد حجل. قلت: ومثل هذه الحالة تكون من الإنسان حينما يفرح. انظر: "اللسان" ١١/ ١٤٤.
(٤) هذا الأثر ذكره ابن منظور في "اللسان" ١١/ ١٤٤.


الصفحة التالية
Icon