قال: هو كذلك وجب والله، ونزل والله، فهي جواب لقوله: ﴿وَالْقُرْآنِ﴾ كما تقول: نزل والله) (١).
وذكر النحاس وغيره من المعاني (٢) وجهًا (٣) آخر في جواب القسم، وهو أنه محذوف بتقدير: ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ ما الأمر كما يقول هؤلاء الكفار، ودل على المحذوف قوله: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. قال: وهذا القول مذهب محمد بن جرير (٤) وهو مستخرج من قول قتادة، وهو قول حسن.
وشرح صاحب النظم هذا القول فقال: بل دافع لخبر قبله ومثبت لخبر بعده، فقد ظهر ما بعده. وأضمر ما قبله. وما بعده دليل على ما قبله فالظاهر يدل على الباطن، وإذا كان كذلك وجب أن يكون قوله: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾ مخالفًا لهذا المضمر، فكأنه قيل: والقرآن ذي الذكر إن الذين كفروا يزعمون أنهم على الحق وكلامًا في هذا المعنى. فهذه ستة أوجه ذكرناها في جواب القسم (٥).

(١) "معاني القرآن" ٢/ ٣٩٦.
(٢) لعل صحة الكلام: وغيره من أهل المعاني.
(٣) "معاني القرآن" للنحاس ٦/ ٧٦، "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٩٧، "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٤/ ٣١٩.
(٤) "تفسير الطبري" ٢٣/ ١١٩.
(٥) ولعل الأرجح منها -وهو ما سبق ترجيحه- قول قتادة، وهو أن الجواب قوله: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. وإن كان القول السادس -وهو ما قال به النحاس وأهل المعاني- مستخرجاً من قول قتادة كما يقول المؤلف، فهو قول قوي ومقبول أما الأقوال الأخرى ففيها بعد. أما القول الأول: وهو أن الجواب قوله: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾ فبعده لطول الفاصل بين القسم والجواب كما أسلفنا. وأما الثاني: وهو أن الجواب قوله: ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا﴾ فبعيد للفاصل أيضًا، وإن كان الفاصل قليلاً، إلا =


الصفحة التالية
Icon