وعظوا بالقرآن لا يتعظون به، ﴿وَإِذَا رَأَوْا آيَةً﴾ قال ابن عباس ومقاتل: يعني انشقاق القمر بمكة (١) ﴿يَسْتَسْخِرُونَ﴾، قال أبو عبيدة (٢): يستسخرون ويسخرون سواء، وهو قول المفسرين، قالوا كلهم: يسخرون ويستهزئون ويقولون: هذا عمل السحرة وهو قوله: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾، وقال ابن قتيبة: (يقال سخر واستسخر كما يقال قرَّ واستقر، وعجب واستعجب، وأنشد قول أوس:
ومستعجبٍ مما يرى من أناتنا (٣)
قال: ويجوز أن يكون يسألون غيرهم من المشركين أن يسخروا من النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما تقول استعتبته أي سألته العتبى واستوهبته) (٤) ونحو ذلك.
وقال أبو إسحاق في قوله: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ أي جعلوا ما يدل على التوحيد مما يعجزون عنه سحرًا) (٥).
١٦ - قوله تعالى: ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا﴾ (٦) الآية. الكلام في نظير هذه الآية قد تقدم في سورة الرعد (٧)، ثم في سورة النمل (٨)،
(٢) "مجاز القرآن" ٢/ ١٦٧.
(٣) عجز بيت وصدره:
ولو زبنته العرب لم يترمرم
وهو من الطويل لأوس بن حجر في "ديوانه" ص ١٢١، "تفسير غريب القرآن" ص ٣٧٠، "اللسان" ٢/ ٦٩ - ١٥/ ١٤٧، "الكامل" ٢/ ١١٤٣.
(٤) "تفسير غريب القرآن" ص٣٧٠.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٣٠٠.
(٦) قوله: (وكنا ترابا) غير مثبت في (أ).
(٧) عند قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ الآية ٥.
(٨) عند قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ﴾ الآية: ٦٧.