وذكر أهل المعاني في القسم (١) وجهين، أحدهما: أن القسم بالله -عَزَّ وَجَلَّ- على تقدير ورب الصافات كقوله: ﴿وَالْعَصْرِ﴾ ﴿وَالشَّمْسِ﴾ ﴿وَاللَّيْلِ﴾ إلا أنه حُذِفَ لما في العلم من أن التعظيم بالقسم لله.
والثاني: أن هذا على ظاهر ما أقسم به؛ لأنه ينبئ عن تعظيمه بما فيه من العبرة الدالة على ربه. وذكر أيضًا في التفسير أن المراد بهذا الصف أن الملائكة تصف أجنحتها في الهواء واقفة لأمر الله حتى يأمرها بما يريد (٢). والصافات: جمع الصف، يقال: جماعة صافة ثم يجمع صافات.
٢ - قوله تعالى: ﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا﴾ قال الليث: زجرت البعير فأنا أزجره زجرًا، إذا حبسته ليمضي، وزجرت فلانًا عن سوء فانزجر، أي نهيته فانتهى (٣).
قال الشاعر:

وليس يزجركم ما توعظون به والبهم يزجرها الراعي فتنزجرُ (٤)
فالزجر للإنسان كالنهي وللبعير كالحث. ويقال: زجرته وازدجرته، ومنه قوله تعالى: ﴿وَازْدُجِرَ﴾ [القمر: ٩]. قال ابن عباس وابن مسعود ومجاهد ومقاتل: يعني الملائكة (٥).
قال ابن عباس: يريد ملائكة وكلوا بالسحاب يزجرونها. ونحو هذا
(١) لم أقف عليه في "معاني القرآن" للأخفش والفراء والزجاج.
(٢) انظر: "الماوردي" ٥/ ٣٦، "القرطبي" ١٥/ ٦١، "زاد المسير" ٧/ ٤٤.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" ١٠/ ٦٠٢ (زجر).
(٤) البيت من البسيط، وهو لسابق البربري.
(٥) "تفسير مقاتل" ١٠٩ ب، "تفسير مجاهد" ص ٥٣٩. وانظر: "الطبري" ٣٣/ ٢٣، "الماوردي" ٥/ ٣٧، "زاد المسير" ٧/ ٤٥.


الصفحة التالية
Icon