الأولى من ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ تنزل منزلة ما هو من الكلمة نفسها، لكونها على حرف مفرد (١)، ألا ترى أنهم قالوا (٢): لهو ولهي، فخففوا كما خففوا: عضدا (٣)، فكذلك الهمزة الأولى، لما لم تنفصل من الكلمة صارت بمنزلة التي في آخر (٤).
فأما إذا كانتا (٥) من كلمتين، فاجتماعهما في القياس أحسن من هذا (٦)، ألا ترى أن المثلين إذا كانا في كلمة نحو: يرد ويعض، لا يكون فيها (٧) إلا الإدغام.
ولو كانا منفصلين نحو: (يد داود)، لكنت (٨) في الإدغام والبيان بالخيار. فعلى هذا تحقيق الهمزتين في: ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ (٩) -وما أشبهه- أبعد منه في الكلمتين المنفصلتين.
ومما يقوي ترك الجمع بين الهمزتين: أنهم قالوا في جمع (ذؤابة): ذوائب، فأبدلوا (١٠) من الهمزة التي هي عين (١١) (واوا) في التكسير كراهة

(١) في (ب): (منفرد).
(٢) في (ب): (إذا قالوا).
(٣) أصلها: (عضد).
(٤) في (ب): (آخرها).
(٥) أي: (الهمزتان)
(٦) قال سيبويه: (وأعلم أن الهمزتين إذا التقتا وكانت كل واحدة منهما من كلمة فإن أهل التحقيق يخففون إحداهما ويستثقلون تحقيقهما...)، "الكتاب" ٣/ ٥٤٨.
(٧) في "الحجة" (فيهما) ١/ ٢٨٠.
(٨) في (ب): (الكنت).
(٩) في جميع النسخ (أنذرتهم) بهمزة واحدة والتصحيح من "الحجة" ١/ ٢٨١.
(١٠) في (ب): (وأبدلوا).
(١١) في (ب): (غير).


الصفحة التالية
Icon