ولكن كان (١) رسول الله] (٢)، فهذا استدراك (٣) لا يجاب بعد نفي.
وقال المبرد: (لكن) من حروف العطف، وهي للاستدراك (٤) بعد النفي، ولا يجوز أن يدخل بعد واجب (٥)، إلا لترك قصة إلى قصة تامة [نحو قولك: جاءني زيد لكن عبد الله لم يأت، وما جاءني زيد لكن عمرو (٦).
وفي الآية أتت بعد الإيجاب لترك قصة إلى قصة (٧) تامة] (٨)، وهو قوله: ﴿إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾. فأما التشديد والتخفيف في ﴿لكن﴾ استعماله (٩) بالواو وبغير الواو، فقد ذكرناها عند قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ١٠٢].
ومعنى قوله: ﴿وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ أي: لا يعلمون أنهم مفسدون، بل يحسبون أنهم مصلحون.
وقيل: ولكن لا يعلمون ما عقوبة فعلهم وما يحل بهم، وذلك أن مفعول العلم محذوف فيحتمل القولين (١٠).

(١) قال في "تهذيب اللغة": (.. فإنك أضمرت كان بعد: (ولكن) فنصب بها..) "تهذيب اللغة" (لكن) ٤/ ٣٢٩٤.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (اشتراك).
(٤) في (ب): (استدراك).
(٥) أي موجب والمراد غير منفي.
(٦) "المقتضب" ١/ ١٢.
(٧) أي جملة تامة إلى جملة تامة.
(٨) ما بين المعقوقين ساقط من (ب).
(٩) في (ب): (استعمال).
(١٠) وهناك قول ثالث: أنهم يعلمون الفساد سرا ويظهرون الصلاح، وهم لا يشعرون أن أمرهم يظهر عند النبي - ﷺ -. انظر: "تفسير ابن عطية" ١/ ١٦٨، "تفسير البغوي" ١/ ٦٦، "زاد المسير" ١/ ٣٣، "تفسير القرطبي" ١/ ١٧٧ - ١٧٨.


الصفحة التالية
Icon