تجر لهم عادة بسماع مثلها حتى إذا سكتوا واستمعوا إلى ذلك، هجم القرآن أسماعهم وقرع (١) المعاني آذانهم، فيكون في إنزال هذه الحروف (٢) المقطعة نوع من المبالغة في الدعوة وتأكيد (٣) للحجة عليهم (٤).
ويروى عن الحسن أنه قال: ﴿الم﴾ وسائر حروف التهجي في القرآن أسماء للسور (٥).
فعلى هذا إذا قال القائل (٦): قرأت (المص) عرف السامع أنه قرأ السورة المخصوصة التي افتتحت بـ (المص) كما أنه إذا قال: لقيت عمرا، علم السامع أنه يريد شخصاً معلومًا عنده.
ويجوز أن يكون ﴿الم﴾ اسما للسورة المفتتحة بها، ثم لا تعرف تلك السورة بعينها ما لم يقرن بـ ﴿الم﴾ لفظ آخر، فيقال: سورة ﴿الم ذَلِكَ﴾،

(١) في (ب): (وقرعت).
(٢) هذا آخر وجه (أ) من لوحة (٣٩) في نسخة (ب) وفي أسفل الصفحة في الهامش كتب بخط مختلف: (هذا آخر الاختلاف وليس في هذِه النسخة غيره).
(٣) في (ب) (وتأكيداً).
(٤) انظر نص كلام قطرب في: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٤، "تهذيب اللغة" ١/ ٨٩، "اللسان" ١/ ١١، "تفسير أبي الليث" ١/ ٨٧، وذكره الطبري ولم يعزه ١/ ٨٩، وذكره الرازي ونسبه لابن روق وقطرب ٢/ ٦، ومال إليه ٢/ ١١.
(٥) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٢٦، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٣٤، وأورد الطبري هذا القول ونسبه لزيد بن أسلم ١/ ٢٠٦، وكذا الثعلبي ١/ ٤٠/ أ، وابن عطية ١/ ١٣٨، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٢١، وأبو حيان في (البحر) ١/ ٣٤، والسيوطي في "الدر" ١/ ٥٥.
(٦) نقل عن الطبري بتصرف. انظر الطبري ١/ ٩٠.


الصفحة التالية
Icon