ثم حذف (بين) و (إلى) ونصب بعوضة بإسقاط الخافض. وفي (١) كلام العرب: (مطرنا ما زُبَالَة فالثعلبية) بمعنى ما بين زُبَالَة إلى الثعلبية (٢)، ويقولون: (له عشرون ما ناقة فجملا) أي ما بين ناقة وجمل، وهو (٣) أحسن الناس ما قَرْناً فقَدَماً (٤).
وأنكر المبرد هذين القولين فقال: أما قول الفراء: إنه يجعل (ما) اسما تاما، وينصب بعوضة بدلا منه (٥)، فإن القول في ذاك ما قال الخليل وسيبويه، قالا جميعاً: إن (من) و (ما) يكونان (٦) نكرتين، فيلزمهما الصفة كلزوم الصلة (٧) إذا كانا معرفتين، تقول (٨): مررت بمن صالحٍ، أي: بإنسان

(١) (والواو) ساقطة من (ب).
(٢) (زبالة) و (الثعلبية) موضوعان معروفان من المنازل في الطريق بين الكوفة ومكة. انظر: "معجم ما استعجم" ١/ ٣٤١، ٢/ ٦٩٣، "معجم البلدان" ٢/ ٧٨، ٣/ ١٢٩.
(٣) في "معاني القرآن" للفراء (وهي) ١/ ٢٢، وكذا في "الطبري" ١/ ١٨٠.
(٤) المعنى: ما بين القرن والقدم. ورد الكلام في "معاني القرآن" للفراء ولم ينسبه للكسائي ١/ ٢٢، وذكره "الطبري" ولم يعزه، وعزاه محمود شاكر في حاشية "الطبري" للفراء ١/ ٤٠٥، وفي الآية وجه آخر ذكره بعض المفسرين: وهو أن تكون (ما) بمعنى (الذي) و (بعوضة) مرفوع، لأنه خبر مبتدأ مقدر، أي: الذي هو بعوضة، وأنكر الزجاج هذا الوجه، لأنه لم يثبت قراءة، وإن كان صحيحاً في الإعراب. انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧١.
أما "الطبري" فاختار هذا الوجه، ولكن على نصب (بعوضة) وذكر لنصبها وجهين... انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٧٩، وانظر: "البيان" ١/ ٦٦، وابن عطية ١/ ٢١٣.
(٥) الفراء لم يرجح هذا القول، وإنما رجح القول الذي نسبه الواحدي للكسائي حيث قال: (الوجه الثالث: -وهو أحبها إليَّ- فأن تجعل المعنى على: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بين البعوضة إلى ما فوقها..)، "معاني القرآن" ١/ ٢٢.
(٦) (يكونان) ساقطة من (ج).
(٧) في (ب): (الصفة).
(٨) في (أ)، (ج): (يقول).


الصفحة التالية
Icon