كالغائب (١).
وتقول: أنفقت ثلاثة وثلاثة، فذلك ستة، وإن شئت قلت: فهذا ستة، وقد قال الله عز وجل: ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى﴾ [النازعات: ٢٣] تْم قال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [النازعات: ٢٦]، وقال: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ (٢) [الأنبياء: ١٠٥]، ثم قال: ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا﴾ [الأنبياء: ١٠٦] (٣).
وقال محمد بن جرير: أشار بقوله: ﴿ذلك﴾ إلى ما تقدم ومضى من قوله: ﴿الم﴾ لأن كل ما تقضى (٤) وقرب تقضيه من الأخبار فهو في حكم الحاضر، كالرجل يحدث الرجل الحديث، فيقول السامع: (إن ذلك لكما (٥) قلت)، و (هذا والله كما قلت)، فيخبر مرة عنه بمعنى الغائب (٦)، إذا كان قد تقضى، ومرة بالحاضر لقرب جوابه من كلامه، كأنه غير متقض (٧)، فكذلك لما ذكر الله سبحانه ﴿الم﴾ التي ذكرنا تصرفها في وجوهها من المعاني، قال: يا محمد هذا الذي ذكرته وبينته لك: الكتاب، [فحسن وضع (ذلك) في موضع (هذا) (٨) وروى عن ابن عباس أنه قال:

(١) وقال الفراء (.. ولو كان شيئًا قائمًا يُرى لم يجز مكان (ذلك)، (هذا) ولا مكان (هذا)، (ذلك)..) "معاني القرآن" ١/ ١٠، وقد نقل الواحدي كلامه بتصرف.
(٢) في (ج) تصحيف في الآية (من بعد ما الذكر).
(٣) الكلام بنصه في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٠. وانظر "معاني القرآن" للفراء ١/ ١١.
(٤) في (ب). (ما يقضى). في الطبري: (لأن كل ما تقضى بقرب تقضيه..) وفي الحاشية في المطبوعة (وقرب تقضيه) يريد: أن ذكر ما نقضى، وانقضاؤه قريب من إخبارك عنه. (تفسير الطبري) ١/ ٩٦.
(٥) في (ب): (كما).
(٦) أي إذا أشار إليه بـ (ذلك) وبمعنى الحاضر إذا أشار إليه بـ (هذا).
(٧) في (ب). (مقتض) وفي الطبري: (منقض).
(٨) "تفسير الطبري" ١/ ٩٦، وذكر المؤلف كلام الطبري بتصرف واختصار، واختار=


الصفحة التالية
Icon