وقال الزجاج حكاية عن غيره: المعنى في هذا هو (١): أن الله أعلم الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة، أن الخليفة (٢) فرقة من بني آدم [تسفك] (٣) الدماء، وأن الله أذن للملائكة أن يسألوه عن ذلك، وكان (٤) إعلامه إياهم هذا زيادة في التثبيت (٥) في نفوسهم أنه يعلم الغيب، وكأنهم قالوا: أتخلق (٦) فيها قوماً يسفكون الدماء ويعصونك، وإنما ينبغي إذا عرفوا أنك خلقتهم أن يسبحوا بحمدك كما نسبح، ويقدسوا كما نقدس، ولم يقولوا هذا إلا وقد أذن لهم، لأن الله تعالى وصفهم بأنهم يفعلون ما يؤمرون (٧).
فإن قيل: فأين إخبار الله بذلك للملائكة فإنا لا نراه في القرآن؟ قيل: هو محذوف مكتفى بدلالة الكلام عليه، كأنه قال: (إني جاعل في الأرض خليفة) يكون من ولده إفساد (٨) في الأرض، وسفك للدماء (٩)، فحذف هذا اكتفاء (١٠) بما دل عليه من جواب الملائكة، كما

(١) (هو) ساقط من (ب). ولفظ الزجاج: (وقال قوم: المعنى فيه غير هذا وهو أن الله.. إلخ) والزجاج ذكر قبل هذا القول الذي يرتضيه، وسيورده الواحدي فيما بعد، كما سيأتي، انظر: "معاني القرآن" ١/ ٧٦.
(٢) كذا في جميع النسخ وفي "معاني القرآن" (بالقاف) في الموضعين.
(٣) في (أ) و (ج): (يسفك)، و (ب) غير معجم، وفي "معاني القرآن" (تسفك) ١/ ٧٦.
(٤) (الواو) ساقطة من (ج).
(٥) في (أ) و (ج): (التثبت)، وما في (ب) موافق لما في "معاني القرآن" ١/ ٧٦.
(٦) في النسخ: (الخلق)، تحريف، والصواب ما أثبتنا من "معاني القرآن".
(٧) انتهى كلام الزجاج، انظر: "المعاني": ص ٧٧.
(٨) (إفساد) مكرر في (أ) و (ج).
(٩) في (ب): (الدماء).
(١٠) في (أ) و (ج): (اكتفى) وأثبت ما في (ب)، لأنه هو الأصوب.


الصفحة التالية
Icon