وقال ابن عباس وأكثر المفسرين: إن الله تعالى لما اطلع على كبر إبليس قال للملائكة الذين كانوا معه: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ فقالت (١) الملائكة: أتجعل فيها من يفسد فيهما كما فعل (٢) بنو الجان، قاسوا بالشاهد على الغائب (٣)، فقال الله تعالى: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ من كبر إبليس واغتراره بفعله، ثم لما ظهر من أمر إبليس ما ظهر وعجزت هؤلاء الملائكة عن (٤) الإخبار عن أسماء الأشياء اعترفوا بالعجز، وقالوا: ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾ (٥) ومع وضوح هذه الأقوال فإن ظاهر الخطاب يدل على أنه شق على الملائكة خلق الخليفة لأنهم لما سكنوا (٦) الأرض خفت عنهم العبادة كما ذكرنا، فخافوا أن يردوا إلى السماء فتثقل عليهم العبادة فلهذا شق عليهم خلق الخليقة (٧).

(١) في (ب): (فقال).
(٢) في (ب): (فعلوا).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ ب.
(٤) في (ب): (من).
(٥) ورد نحوه في رواية طويلة عن ابن عباس ساقها "الطبري" في "تفسيره"، وعلق عليها بأن الرواية أفادت أن القائل ذلك خاص من الملائكة وليس كلهم. وقد أخذ محمود شاكر من تعليق الطبري: أن الطبري لم يروه لاعتماد سنده وإنما لبيان أن الخطاب لبعض الملائكة، وأن قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا﴾ لم يكن عن علم بالغيب عرفوه، بل كان ظنا ظنوه).
انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٥٥ - ٤٥٨، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٨، "الدر المصون" ١/ ٤٥.
(٦) في (ب): (اسكنوا).
(٧) اعتمد الواحدي في هذا على ما ذكره شيخه الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٦٠ ب. وورد نحوه عند أبي الليث في "تفسيره" ١/ ١٠٨. وهذا لا يتناسب مع منزلة الملائكة =


الصفحة التالية
Icon