وسئل بعض السلف عما يقوله المذنب، فقال: يقول ما قال أبوه: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾ [الأعراف: ٢٣] وما قاله (١) موسى: ﴿ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾ [القصص: ١٦] وما قاله (٢) يونس: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (٣) [الأنبياء: ٨٧]، وما قالته الملكة: ﴿إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ﴾ [النمل: ٤٤] (٤).
وقوله تعالى: ﴿فَتَابَ عَلَيْهِ﴾. معنى التوبة في اللغة: الرجوع. وفي الشريعة: رجوع العبد من المعصية إلى الطاعة (٥)، فالعبد يتوب إلى الله والله يتوب عليه، أي يرجع عليه (٦) بالمغفرة، [والعبد تواب إلى الله أي راجع إليه بالندم، والله تواب يعود عليه بالكرم] (٧) والعبد تواب إلى الله بالسؤال، والله تواب عليه بالنوال (٨).
فمعنى قوله: ﴿فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ أي عاد عليه بالمغفرة (٩)، ولا يحتاج إلى
(٢) في (ج): (وما قال).
(٣) قوله (لا إله إلا أنت) ساقط من (ب).
(٤) الأثر أورده أبو حيان في البحر ١/ ١٦٥.
(٥) التوبة في الشرع: ترك الذنب، والندم على ما فات، والعزيمة على عدم العودة إليه، وتدارك ما أمكنه من عمل الصالحات، فهذه أركان التوبة وشرائطها، (مفردات الراغب) ص ٧٦، وانظر: "شرح أسماء الله" للزجاج ص ٦١، "تهذيب اللغة" (تاب) ١/ ٤١٦ - ٤١٧، "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٦، و"ابن عطية" ١/ ٢٦١ - ٢٦٢، و"القرطبي" ١/ ٢٧٧ - ٢٧٨، "زاد المسير" ١/ ٧٠، "البحر" ١/ ١٦٦.
(٦) في (ب): (إليه).
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٨) ذكر الأزهري نحوه عن الليث، "تهذيب اللغة" (تاب) ١/ ٤١٦ - ٤١٧.
(٩) (تاب عليه) أي وفقه للتوبة وقبلها منه، وعاد عليه بالمغفرة، انظر: "تفسير الطبري" =