والمراد بالبر: الإيمان بمحمد ﷺ (١).
و (النسيان) هاهنا بمعنى الترك (٢) من قوله: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧] ويأتي بسط الكلام في النسيان ووجوهه عند قوله: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ [البقرة: ٦٧] (٣) إن شاء الله.
وقال أبو إسحاق: معنى الآية أنهم كانوا يأمرون أتباعهم بالتمسك بكتابهم، ويتركون هم التمسك به، لأن جحدهم النبي - صلى الله عليه وسلم- هو تركهم التمسك (٤). فالبر على هذا القول: التمسك بالتوراة.
وقال بعضهم: إن اليهود كانوا يأمرون الناس بالإيمان بمحمد ﷺ قبل ظهوره، فلما ظهر كفروا به (٥)، فذلك قوله: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ﴾ الآية.
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾. أي: تقرؤون التوراة، وفيها صفة محمد -صلى الله عليه وسلم- ونعته (٦).
﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ أنه حق فتتبعونه (٧).

(١) ذكره ابن جرير عن ابن عباس "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٨، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٧٥، وقيل: البر: أمرهم أتباعهم بالتمسك بالتوراة، وقيل: أمرهم ببذل الصدقة وهم لا يفعلون. انظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٥، "زاد المسير" ١/ ٧٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ٩١.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٩، و"تفسير ابن عطية" ١/ ٢٧٥، "زاد المسير" ١/ ٧٥.
(٣) انظر: "البسيط" ١/ ل ٢٣٧ (من نسخة إستانبول).
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٩٥، وفيه (التمسك به..).
(٥) ذكره الرازي، وقال هو اختيار أبي مسلم "تفسير الرازي" ٣/ ٤٦.
(٦) "تفسير الثعلبي" ١/ ٦٨ ب، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٥٩، و"تفسير البغوي" ١/ ٨٨.
(٧) في (ج): (فتبيعونه).


الصفحة التالية
Icon