الله (١)، ولما كان سؤال موسى إيمانًا منه وتصديقًا واشتياقًا لم يعاقب عليه، وهؤلاء سألوه (٢) شاكّين منكرين متعنتين فعوقبوا عليه.
وقال بعضهم: إن أصحاب موسى اعتقدوا إحالة الرؤية (٣) على الله فعلقوا إيمانهم على الرؤية (٤): ومرادهم: لن نؤمن لك قط، كقوله: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، فلهذا عاقبهم الله عليه. وهذه الآية تتضمن التوبيخ لهم على مخالفة الرسول عليه السلام مع قيام معجزته، كما خالف أسلافهم [موسى مع ما أتى به من الآيات الباهرة، والتحذير لهم أن ينزل بهم كما نزل بأسلافهم] (٥).
٥٦ - قوله تعالى: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ الآية. البعث في كلام العرب على وجهين: أحدهما: الإرسال كقوله: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى﴾ (٦) [الأعراف: ١٠٣، يونس: ٧٥].
(٢) في (ب): (يسألوه).
(٣) في (ج): (الرؤيا).
(٤) المعتزلة هي التي تقول بإحالة الرؤية وقد تمسكوا بمثل هذه الآية. قال الزمخشري: (وفي هذا الكلام دليل على أن موسى عليه الصلاة والسلام رادهم القول وعرفهم أن رؤية ما لا يجوز عليه أن يكون في جهة محال...) "الكشاف" ١/ ٢٨٢، ورد عليه صاحب "الإنصاف" في حاشية على "الكشاف" بما أبطل زعمه، كما رد عليه الرازي في "تفسيره" ٣/ ٨٥، وانظر "تفسير القرطبي" ١/ ٣٤٤ - ٣٤٥، "البحر المحيط" ١/ ٢١١.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٩٠، "تفسير الرازي" ٣/ ٨٣.
(٦) في (ب) (من بعد) تصحيف في الآية.