زي الفقر، فترى المثري منهم يتبأس مخافة أن يضاعف عليه الجزية (١). وهذا يدل على أن هذا الضرب وهذا الأثر حصل على المتأخرين منهم، لأنهم قبل الإسلام لم يعطوا الجزية ولم يوسموا (٢) بالغيار (٣).
فإن قيل: نحن نرى اليهودي يملك المال الواسع، والفاخر من الثياب، والرفيع من العقار، ومن ملك بعض هذا لم يكن مسكينا. قيل: الذلة الجزية، والمسكنة فقر القلب والنفس، وغير ظاهر آثارهما، ولا يوجد يهودي غني النفس (٤). ويجوز أن يكون هذا من العموم الذي أريد به الخصوص.
وقوله تعالى: ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ أي: رجعوا (٥) في قول الفراء (٦).

= قال في "القاموس": الْكُسْتِيج بالضم: خيط غليظ يشده الذميّ فوق ثيابه دون الزنار، مُعَرَّبُ: كُسْتِي. القاموس ص ١٣٢٨.
(١) ذكره الثعلبي١/ ٧٨ أ، والبغوي ١/ ٧٨، وانظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٣٦.
(٢) في (ب): (يرسموا).
(٣) ذكره الرازي ٢/ ١٠٢، وقال أبو حيان: المضروب عليهم الذلة والمسكنة اليهود المعاصرون لرسول الله - ﷺ - قاله الجمهور، "البحر" ١/ ٢٣٦. وقيل: لا يلزم هذا فإنهم أذلوا قبل المسلمين، فقد ذكر ابن كثير عن الحسن قال: أذلهم الله فلا منعة لهم وجعلهم تحت أقدام المسلمين، ولقد أدركتهم هذه الأمة وإن المجوس لتجبيهم الجزية. انظر: "تفسير ابن كثير" ١/ ١٠٩.
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٧٨ أ، "تفسير البغوي" ١/ ٧٨/، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣١٩، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٦، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٦.
(٥) في (ب): (ارجعوا).
(٦) لم أجده للفراء، وبه قال الأخفش في "معاني القرآن" ١/ ٩٧٣، وابن قتيبة في "الغريب" ص ٥١ وهو قول الكسائي كما سيأتي.


الصفحة التالية
Icon