واختلف أصحاب الاشتقاق في أصل هذا الحرف:
فمذهب أبي العباس أنه من الباءة والمباءة، وهو منزل القوم حيث (١) يتبوؤون (٢).
فمعنى باء بالذنب: أي نزل منزلة المذنبين، وباؤوا بغضب أي نزلوا منزلة من يلحقهم الغضب، ومن هذا يقال: أبأت فلانًا بفلان، إذا قبلته به، كأنك جعلته (٣) في منزلته وفي محله، وفلان بواء بفلان من هذا، والكلام يتصرف فيقع بعضه محمولا على بعض، هذا هو الأصل، ثم يفسر: باء بالشيء إذا احتمله ورجع به وانصرف به، وأقرّ به. وهذه كلها معان ترجع إلى أصل واحد، وهو الحلول في ذلك المحل (٤).
قال الفرزدق لمعاوية:

فَلَو كَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِي جَاهِليَّةٍ لَبُؤْتَ بِهِ أَوغَصَّ بِالْمَاءِ شَارِبُه (٥)
(١) في (ج): (حين).
(٢) ذكر الأزهري عن الليث نحوه، وكذا عن الأصمعي وأبي زيد وغيرهم، "تهذيب اللغة" (باء) ١/ ٢٤٦ - ٢٤٨.
وذكر الماوردي عن أبي العباس المبرد: أن أصل ذلك المنزلة. ومعناه: أنهم نزلوا منزلة غضب من الله. "تفسير الماوردي" ١/ ٣٤٤ انظر: "الصحاح" (بوأ) ١/ ٣٧، "اللسان" (بوأ) ١/ ٣٨٠ - ٣٨٢.
(٣) في (ج): (وجعلته).
(٤) ذكر ابن فارس في "مقاييس اللغة": أن (بَوَأ) الباء والواو والهمزة أصلان: أحدهما: الرجوع إلى الشيء، والثاني: تساوي الشيئين ١/ ٣١٢. وانظر. "تفسير الطبري" ١/ ٣١٦، "الماوردي" ١/ ٣٤٤، "تهذيب اللغة" (باء) ١٥/ ٥٩٤ - ٥٩٦.
(٥) يروي هذا البيت بروايات مختلفة منها (شَنِئْتَ) بدل (لبؤت) وعليها فلا شاهد فيه هنا، ورواية الديوان: =


الصفحة التالية
Icon