وقال ابن المظفر (١): سمي الكافر: كافراً، لأن الكفر غطى قلبه كله.
قال الأزهري: وهذا يحتاج إلى إيضاح. وهو: أن (الكفر) في اللغة:
التغطية، فالكافر معناه: ذو الكفر، ذو تغطية لقلبه بكفره، كما يقال للابس السلاح: كافر، وهو الذي غطاه السلاح. ومثله: رجل كاس أي: ذو كسوة، وناعل: ذو نعل (٢).
وقول ابن (٣) السكيت في معنى الكافر أبين وأصح (٤). والنعمة التي أنعم الله على العبد فكفرها (٥) الكافر، أي: سترها، هي الهدى والآيات التي أبانت لذوي التمييز أن الله واحد لا شريك له، فمن لم يصدق بها وردها فقد كفر النعمة، أي: سترها وغطاها.
ويجوز أن يقال: إن الكافر لما دعاه الله إلى توحيده فقد دعاه إلى نعمة أوجبها له إذا أجابه إلى ما دعاه إليه، فإذا لم (٦) يجب كان كافرا لتلك النعمة، أي: مغطيا لها، مكذبًا بها، حاجبا لها عنه (٧).
قال شمر: قال بعض أهل العربية (٨): الكفر على أربعة أنحاء: كفر إنكار، وكفر جحود، وكفر معاندة، وكفر نفاق، من لقي ربه بشيء من ذلك

(١) هو الليث. انظر: "التهذيب" (كفر) ٤/ ٣١٦١، ومقدمة "التهذيب" ١/ ٤٧.
(٢) في (التهذيب) بدل (فاعل: ذو نعل)، وماء دافق: ذو دفق ٤/ ٣١٦١.
(٣) في (ج): (بن).
(٤) قال الأزهري: قلت: وما قاله ابن السكيت بيِّن صحيح، ٤/ ٣١٦١.
(٥) في "التهذيب": (والنعم التي سترها الكافر هي الآيات التي أبانت لذي التمييز.. إلخ) ٤/ ٣١٦٢.
(٦) في "التهذيب": (.. فقد دعاه إلى نعمة ينعم بها عليه إذا قبلها، فلما رد ما دعاه إليه من توحيده كان كافرا نعمة الله..)، ٤/ ٣١٦١.
(٧) "التهذيب" (كفر) ٤/ ٣١٦٠، وقد تصرف الواحدي في نقل كلام الأزهري.
(٨) في "التهذيب" (قال شمر: قال بعض أهل العلم)، ٤/ ٣١٦٠.


الصفحة التالية
Icon