معنى الذكر هاهنا، فقال أبو صالح ومجاهد: يعني: ذكر العذاب، والمعنى: يكذبون بالقرآن ولا يعاقبون (١).
قال أبو إسحاق: المعنى: أفنضرب عنكم ذكر العذاب بأن أسرفتم، قال: والدليل على أن المعني هذا قوله: ﴿فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا﴾ (٢) وعلى هذا ضَرْب الذكر: رده وكفه، واختيار الفراء على هذا القول، وقال: المعنى: أفنضرب عنكم ذكر الانتقام منكم والعقوبة لكم، لأن كنتم قومًا مسرفين (٣).
وقال آخرون: معنى: الذكر هاهنا القرآن والتذكير به، قال ابن عباس: يريد: الضرب عنكم الموعظة (٤)، وقال الكلبي: يقول الله لأهل مكة: أفنترك عنكم الوحي صفحًا فلا نأمركم بشيء ولا ننهاكم (٥) ولا نرسل إليكم رسولاً أن كنتم قومًا مشركين، المعنى على هذا: أفنمسك عن إنزال القرآن ونتركه من أجل أنكم لا تؤمنون به (٦)، وهذا معنى قول قتادة: والله لو كان هذا القرآن رُفع حين ردَّه أوائل هذه الأمة لهلكوا، ولكن الله برحمته كرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة (٧).

(١) أخرج ذلك الطبري ١٣/ ٤٩، وانظر: "تفسير الماوردي" ٥/ ٢١٦، "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٦٢.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٢٠٦.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٢٧ ونص عبارته: والعرب تقول: قد أضربت عنك وضربت عنك، إذا أردت به: تركتك وأعرضت عنك.
(٤) لم أقف عليه، وكذا رسمها في الأصل، ولعل الصواب: نضرب أو أضرب.
(٥) ذكر ذلك الثعلبي ١٠/ ٧٩ أ، والبغوي ٧/ ٢٥٦، وأبو حيان ٨/ ٦ عن الكلبي.
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٤٩، "البغوي" ٧/ ٢٠٦، "الجامع" للقرطبي ١٦/ ٦٢.
(٧) أخرج ذلك الطبري ١٣/ ٤٩ عن قتادة، ونسبه البغوي ٧/ ٢٠٦ لقتادة.


الصفحة التالية
Icon