يوجب أن يكون التقدير: فأهلكناهم، يعني الأولين، فحذف مفعول الإهلاك لدلالة الكلام عليه: ﴿أَشَدَّ مِنْهُمْ﴾ منتصب على الحال، وفيه تخويف لكفار مكة، والكناية في (منهم) تعود إلى المشركين الذين خاطبهم بقوله: (أفنضرب عنكم الذكر صفحًا)، كنى عنهم بعد أن خاطبهم (١).
قوله تعالى: ﴿وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ﴾ قال الكلبي: سنة الأولين ممن أهلك، وهو قول مجاهد (٢).
قال مقاتل: يعني: سنة الأولين في العقوبة حين كذبوا رسلهم (٣).
وقال قتادة: عقوبة الأولين (٤).
وقال ابن عباس: يريد: وسبق ما أنزل الله في القرون الأولين قوم نوح وعاد وثمود (٥)، وعلى هذا معنى الآية: وسبق ما أنزلنا في إهلاكهم، وهو مَثَلٌ ضربناه لهم، وتقدير الكلام: مثل الأولين لهم.
قال أهل المعاني (٦): ومضى مثل الأولين لهؤلاء الباقين، أي: أنهم قد سلكوا في الكفر والتكذيب مسلك من كان قبلهم، فليحذروا أن ينزل بهم من الخزي ما نزل بهم، فقد ضربنا لهم مثلهم كما قال: ﴿وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ﴾ [الفرقان: ٣٩]، وكقوله: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٥١، "تنوير المقباس" ص ٤٨٩.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٧٨٩.
(٤) "تفسير الطبري" ١٣/ ٥١ فقد أخرجه عن قتادة، ونسبه القرطبي لقتادة، انظر: "الجامع" ١٦/ ٦٤.
(٥) لم أقف عليه، وكذا رسمها في الأصل، ولعل الصواب: (الأولى).
(٦) لم أقف عليه.