البطن، آيات ودلالات على توحيد مَنْ خلقها (لقوم يوقنون) أنه لا إله غيره (١).
وجاز الرفع في قوله: (آيات) من وجهين ذكرهما الزجاج والمبرد وأبو علي (٢):
أحدهما: العطف على موضع (أن) وما عمل فيه؛ لأن موضعها رفع بالابتداء، فيحمل الرفع فيه على الموضع كما تقول: إن زيدًا منطلق وعمرو، وإن زيدًا أخوك وخالد و ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة: ٣] لأن معنى قوله: ﴿أن الله بريء﴾ هو الله بريء، وهذا نظير قولك: لست بقائم ولا قاعد، أو لست بجبان ولا بخيلاً، عطف الثاني على موضع الباء.
والوجه الآخر: أن يكون قوله: ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ﴾ مستأنف، ويكون الكلام جملة معطوفة على جملة كما تقول: إن زيدًا منطلق وعمرو خارج، جعلت قولك: عمرو خارج، كلامًا آخر، كما تقول: زيد في الدار وأخرج غدًا إلى بلد كذا، فإنما حدث بحديثين اثنين، ووصلت أحدهما بالآخر بالواو.
وهذا الوجه هو اختيار أبي الحسن، قال: لأنه قد صار على كلام آخر نحو: إن في الدار زيدًا، وفي البيت عمرو؛ لأنك إنما تعطف الكلام كله على الكلام كله (٣).
وهذا الوجه أيضًا قول الفراء قال: الرفع على الاستئناف بعد (أن)؛

(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٨٣٥، ونسبه في "الوسيط" لابن عباس ومقاتل. انظر: "تفسير الوسيط" ٤/ ٩٤.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٣١، و"المقتضب" للمبرد ٤/ ٣٧١، و"الحجة" لأبي علي ٦/ ١٦٩.
(٣) انظر: "الحجة" لأبي علي ٦/ ١٦٩، و"إعراب القرآن" للنحاس ٤/ ١٤٠، ولم أقف عليه في "معاني القرآن" للأخفش.


الصفحة التالية
Icon