الإثبات في اللفظ وإن كان محذوفًا منه كما قدر سيبويه في قوله:

أكلَّ امْرِئٍ تَحْسَبِينَ امرأً ونارًا (١) تَوَقّدُ باللَّيْلِ نَارَا (٢)
أن كُلا في حكم الملفوظ به، واستغني عن إظهاره بتقدم ذكره، ويجوز أن تقدر آيات متكررة كررتها لما تراخى الكلام وطال، كماقال بعض المشايخ في قوله: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ﴾ [التوبة: ٦٣] قال (أن) هي الأولى كررت، وهذا النحو في كلامهم غير ضيق، هذا كله كلام المبرد وأبي علي ومعنى (٣) كلام أبي إسحاق قوله تعالى:
٦ - ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ﴾ قال ابن عباس: يريد هذا الذي قصصنا عليك من آيات الله بها (٤) ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ﴾ قال أبو إسحاق: بعد كتاب [(٥)]، ﴿وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ قرئ بالياء والتاء، واختار أبو عبيد: الياء لأن قبله غيبة، وهو قوله: ﴿لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ و ﴿لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ وهذا خبر عنهم.
(١) كذا في الأصل وهو تصحيف، والصحيح (ونارٍ) حيث ذكره الجميع بجر نارٍ وهو الشاهد من البيت حيث عطفه على ما عملت فيه كل.
(٢) البيت لأبي دؤاد الإيادي. انظر: الكتاب لسيبويه ١/ ٦٦، والشعر والشعراء لابن قتيبة ص ١٤١، و"الحجة" لأبي علي ٦/ ١٧١، و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٣٢، و"الدر المصون" ٦/ ١٢٣، وفي "الكامل" للمبرد منسوب لعدي بن زيد العبادي. انظر: الكامل ١/ ٢٨٧.
(٣) انظر: "الكامل" للمبرد ١/ ٢٨٧، و"الحجة" لأبي علي ٦/ ١٧١، و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٤٢.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٨٣٥.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٣٢، وهي كذا في الأصل وفي "معاني الزجاج" بلفظ (بعد كتاب الله).


الصفحة التالية
Icon