جهنم (١)، وقال مقاتل: يريد هو في الدنيا، ومن بعده له في الآخرة جهنم (٢)، وذكرنا الكلام في هذا في سورة إبراهيم عند قوله: ﴿مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ﴾ [آية: ١٠]. ﴿وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا﴾ من الأموال التي جمعوها ﴿شَيْئًا﴾ ولا ما عبدوا من دون الله من الآلهة.
١١ - قوله: ﴿هَذَا هُدًى﴾ قال مقاتل: هذا القرآن بيان من الضلالة (٣)، وقال عطاء عن ابن عباس: يريد كل ما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- بيان للمؤمنين (٤).
قوله تعالى: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾ وقرئ (أليم) رفعًا (٥)، والرجز العذاب بدلالة قوله: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ)﴾ [البقرة: ٥٩]. وقوله: ﴿لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ﴾ [الأعراف: ١٣٤] فمعنى قوله: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾: لهم عذابٌ من عذاب أليم، وإذا كان عذابهم من عذاب أليم، كان عذابهم أليمًا، قوله: ﴿مِنْ رِجْز﴾ على هذا صفة للعذاب؛ لأنه نكرة، من رفع أليماً كان المعنى: لهم عذاب أليم من عذاب، وليس فائدته كالفائدة في القراءة الأولى، وإذا كان كذلك فيحمل على أمرين: أحدهما: أن قوله ﴿من عذاب﴾ يكون صفة مؤكدة، والصفة قد تجيء على وجه التأكيد كما روي في بعض الحروف (وَلِيَ نَعْجَةٌ أنثى) وقوله: ﴿وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ [النجم: ٢٠] وقولهم: أمس الدابر،

(١) ذكر ذلك القرطبي في "الجامع" عن ابن عباس. انظر: ١٦/ ١٥٩، ونسبه في "الوسيط" لابن عباس. انظر: ٤/ ٩٥.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٨٣٦.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٨٣٦.
(٤) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ١٥٩ فقد نسبه لابن عباس.
(٥) وهي قراءة ابن كثير وعاصم في رواية حفص. انظر: "الحجة" لأبي علي ٦/ ١٧٤.


الصفحة التالية
Icon