والآخر: أن يحمل الرجز على الذي بمعنى الرجس الذي هو النجاسة على الإبدال للمقاربة، يخب النجاسة فيه قوله: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾ [إبراهيم: ١٦] وكان المعنى: لهم عذاب من تجرع رجس أو شرب رجس، فيكون من تَبْيينًا للعذاب مِمَّ هو (١).
١٢، ١٣ - قوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ يعني من شمس وقمر ونجم ومطر وثلج وبرد ﴿وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ من دابة وشجر ونبات وأنهار، قاله ابن عباس (٢)، معنى تسخيره لنا: هو أنه هيأها لانتفاعنا بها، فهو مسخر لنا من حيث إننا ننتفع به على الوجه الذي نريد.
قوله تعالى: ﴿جَمِيعًا مِنْهُ﴾ قال: كل ذلك رحمة منه لكم، وقال أبو إسحاق: (جميعًا) منصوب على الحال (٣)، والمعنى: كل ذلك منه تفضل وإحسان، والوقف يحسن على قوله (جميعًا) (٤).
قوله تعالى: ﴿مِنْهُ﴾ أي ذلك التسخير منه لا من غيره، فهو فضله وإحسانه قوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ في صنع الله فيوحدونه.
١٤ - قوله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾ قال الفراء: هذا خبر في منزلة الأمر، كأنه قيل: قل للذين آمنوا اغفروا، ولكنه جزم بالتشبيه بالجزاء والشرط، كقوله: قم تصب خيرًا، وليس كذلك، ولكن العرب إذا أخرج الكلام في مثال غيره وهو مقارب له، أعربوه

(١) هذا كله منقول عن "الحجة" لأبي علي ٦/ ١٧٤، ١٧٥.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٤/ ١٤٢، ولم أقف عليه في "معاني الزجاج".
(٤) انظر: "القطع والائتناف" للنحاس ص ٦٥٩.


الصفحة التالية
Icon