أَنْفُسَهُمْ} إلى قوله: ﴿الْأَمْثَالَ﴾ [إبراهيم: ٤٥] والمعنى: سبق فيما أنزلنا إليك بشبه حال الكفار الماضية بحال هؤلاء في التكذيب، ولما أهلكوا هؤلاء بتكذيبهم، فعاقبة هؤلاء أيضًا الإهلاك لأنهم أشباه بعضهم لبعض، وأما قول المفسرين في تفسير قوله: (مثل الأولين) عقوبتهم وسنتهم (١)، فهو معنى وليس تفسير؛ لأن المعنى ذِكْر بيان ما حل بهم ليعتبر هؤلاء.
ثم ذكر أن هؤلاء مع شركهم وكفرهم يقرون بما هو الحجة عليهم فقال:
٩ - ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ﴾ قال ابن عباس: ولئن سألت قومك يا محمد (٢) ﴿مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ قال: يريد إقرارًا منهم بعدلي وعلمي بخَلْقي، قال الكلبي: وهذا إيمان منهم وهم يخالفون فيشركون به الأصنام (٣).
وقال أهل المعاني: هذا إخبار عن غاية جهلهم، إذ أقروا بالله خالق السموات والأرض، ثم عبدوا معه غيره، وأنكروا قدرته على البعث (٤)، وقد تم الإخبار عنهم (٥) ثم ابتدأ جل وعز دالًّا على نفسه فقال:
١٠ - قوله تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا﴾ (٦) قال صاحب

(١) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٥١، "تفسير الثعلبي" ١٠/ ٧٩ أ، "تفسير البغوي" ٧/ ٢٠٦، "تفسير الماوردي" ٥/ ٢١٦.
(٢) ذكر ذلك البغوي ٧/ ٢٠٦ ولم ينسبه، وابن عطية ١٤/ ٢٤٢ ولم ينسبه.
(٣) ذكر نحو ذلك في "تفسير الوسيط" ٤/ ٦٥ ولم ينسبه، وكذلك "البغوي" ٧/ ٢٠٧.
(٤) انظر: "تفسير البغوي" ٧/ ٢٠٧، "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٦٤.
(٥) انظر: "القطع والائتناف" للنحاس ص ٦٤٦.
(٦) نص الآية: ﴿مَهْدًا﴾ قال أبو علي الفارسي: اختلفوا فى قوله: ﴿مَهْدًا﴾ (طه: ٥٣) =


الصفحة التالية
Icon