قال مقاتل: لا تقدروا لحى أن تردوا عني عذابه (١)، وهذا كقوله: ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [الفتح: ١١] ومثله في التنزيل كثير.
وقال ابن عباس: لا تمنعونني من الله (٢) والمعنى: أنكم لا تقدرون أن تدفعوا عني عقاب الله، فكيف أفتري على الله لأجلكم وأنا أعلم هذا، وفيه تبعيد لقولهم افتريته، ﴿هُوَ﴾ أي: الله ﴿أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ أي: بما تقولون في القرآن وتخوضون فيه من التكذيب به، والقول فيه أنه سحر وكهانة، قاله المفسرون (٣)، وكل خوض في الحديث إفاضة كقوله (٤): ﴿إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ [يونس: ٦١] وقد مر.
﴿كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ قال مقاتل: يعني فلا شاهد أفضل من الله بيني وبينكم أن القرآن جاء من الله ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ في تأخير العذاب عنكم حين لا يعجل عليكم بالعقوبة (٥).
وقال ابن عباس: يريد لأوليائه وأهل طاعته (٦).
وقال أبو إسحاق: معنى الغفور الرحيم هاهنا دعاهم إلى التوبة، معناه: أن من أتى من الكبائر العظام بمثل ما أتيتم به من الافتراء على الله (٧)، وعليَّ ثم تاب فالله غفور رحيم له.
(٢) لم أقف عليه
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٢/ ٥، و"زاد المسير" ٧/ ٣٧١، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ١٨٤، و"تفسير الوسيط" ٤/ ١٠٤.
(٤) انظر: اللسان (خوض) ٧/ ١٤٧.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ١٦، ١٧.
(٦) لم أقف عليه.
(٧) نص العبارة عند الزجاج: (من افتراء على الله جل وعلا ثم تاب فإن الله غفور رحيم) ٤/ ٤٣٩.