تقولوا: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ (١).
قال ابن عباس: يريد: ولا طاقة لنا بالإبل ولا بالفلك ولا بالبحر لولا أن الله سخره لنا (٢) ومعنى المقرن: المطيق في قول المفسرين (٣)، قال أبو عبيدة: فلان مقرن لفلان، أي: ضابط له وأنشد:
ولَسْتُم للصِّعَابِ بمُقرنِينَا (٤)
وقال الليث: أقرنت لهذا البرذون والبعير، أي قد أطقته، وكان اشتقاقه من قولك: صوت له قرنًا مطيقًا (٥)، ونحو هذا قال الزجاج وابن قتيبة قال: ومعنى: أنا قرن لفلان، أي: مثله في الشدة (٦).
وقال صاحب النظم: هذا كله خبر عن ظاهره، ومعناه في الباطن أمر؛ لأنه لو كان خبرًا لوجب أن يكون ذلك عامًا في الإتيان والعمل به، فلما لم يكن ذلك عامًا، وكان خاصًّا في بعض، دل ذلك عليه أنه أمر أخرج مخرج الخبر، قال: وقد قيل إن معناه: ليأمركم إذا استويتم عليه أن تذكروا نعمة ربكم كقوله: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]
(٢) نسبه في "الوسيط" لابن عباس. انظر: ٤/ ٦٥.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٥٥، "الماوردي" ٥/ ٢١٨، "القرطبي" ١٦/ ٦٦.
(٤) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٢٠٢، والبيت للكميت وصدره قوله:
ركبتم صعبتي أنشرًا وحيفًا
والشاهد قوله: مقرنينا: أي ضابطين. وقد استشهد به النحاس في "معاني القرآن" ٦/ ٣٤١، والقرطبي في "الجامع" ١٦/ ٦٦.
(٥) انظر: كتاب: العين ٥/ ١٤٣ (قرن) بلفظ:
صرت له قرينا أي مطيقًا
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٠٦، "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٩٥.