قوله: ﴿لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ﴾ قال ابن عباس: أشركوا (١)، وقال مقاتل: يعني مشركي مكة (٢).
وفي قوله (لينذر) قراءتان (٣): التاء: لكثرة ما ورد من هذا المعنى بالمخاطبة كقوله: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا﴾ [النازعات: ٤٥] و ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧] ﴿لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: ٢] والياء لتقدم ذكر الكتاب، فأسند الإنذار إلى الكتاب كما أسند إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قوله: ﴿عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾، ﴿قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا﴾ [الكهف: ١ - ٢].
وقوله: ﴿وَبُشْرَى﴾، قال إسحاق: الأجود أن يكون (وبشرى) في موضع رفع، المعنى: وهو بشرى للمحسنين. قال: ويجوز أن يكون في موضع نصب على معنى: لتنذر الذين ظلموا وتبشر المحسنين بشرى (٤)، وزاد الفراء هذا الوجه بيانًا فقال: النصب على (لتنذر الذين ظلموا) وتبشر، فإذا وضعت في موضعه بشرى أو بشارة، نصبت، ومثله في الكلام: أعوذ بالله منك. وسَقْيًا لفلان، كأنه قال: وسقى الله فلانًا، وجئت لأكرمك وزيارة لك وقضاء لحقك، معناه لأزورك وأقضي حقك، فتنصب الزيارةَ والقضاءَ بفعل مضمر (٥).

(١) انظر: "تنوير المقباس" ص ٥٠٣.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ١٩.
(٣) قرأ ابن نافع وابن عامر والبزي بالتاء، وقرأ الباقون بالياء. انظر: "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي ٢/ ٢٧١، و"حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٦٦٢.
(٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٤١.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٥٢، والكشف والبيان للثعلبي ١٠/ ١١٠ أ.


الصفحة التالية
Icon