الكلبي وعطاء عن ابن عباس. وهو قول مقاتل (١) واختيار صاحب النظم قال: لأن الله تعالى قد وَقَّتَ الحمل والفصال هاهنا بتوقيت يعلم أنه قد ينقص ويزيد لاختلاف الناس في الولادة، فدل هذا على أنه مقصود به إنسان بعينه كان حمله وفصاله ثلاثين شهرًا، فيمكن أن يكون أبو بكر كان حمله وفصاله هذا القدر، ويدل على ما ذكرنا قوله: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾، إلى آخر الآية، وقد علمنا أن كثيرًا ممن بلغ هذا المبلغ من المؤمنين وغيرهم لم يكن منه هذا القول، فثبت بذلك أن هذا في إنسان بعينه وهو الصديق رضي الله عنه (٢)، والآية من باب حذف المضاف لأن التقدير: ومدة حمله وفصاله ثلاثون شهرًا.
قال الأزهري المعنى: ومَدَى الحَمْل للمرأة منتهى الوقت الذي يفصل فيه الولد عن رضاعه ثلاثون شهرًا (٣)، والكلام في معنى الفصال قد تقدم في سورة البقرة [آية: ١٢٣].
قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ اختلفوا في معنى بلوغ الأشد هاهنا فروى عطاء عن ابن عباس قال: يريد ثمان عشرة سنة، وذلك أن أبا بكر صحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ابن ثمان عشرة سنة والنبي -صلى الله عليه وسلم- ابن عشرين سنة وهم يريدون الشام في التجارة فنزلوا منزلا فيه سدرة فقعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ظلها ومضى أبو بكر إلى راهب هناك يسأله من الدين فقال له: مَنْ الرجل

(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٢٠.
(٢) وهو الذي ورد في سبب نزول الآية كما سبقت الإشارة إليه، وقد ذكر السيوطي في "الدر" أنه أخرجه ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما. انظر: "الدر المنثور" ٧/ ٤٤١.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (فصل) ١٢/ ١٩٣.


الصفحة التالية
Icon