في جملة من نتجاوز عنهم (١).
وقوله تعالى: ﴿وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ قال أبو إسحاق: هو مصدر مؤكد لما قبله؛ لأن قوله (نتقبل) و (نتجاوز) بمعنى الوعد لأن الله قد وعدهم القبول، فوعد الصدق توكيد لذلك (٢).
قال المفسرون: ومعنى (وعد الصدق): هو ما وعد الله أهل الإيمان أن يتقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم (٣)، ومعنى التجاوز في اللغة: ترك الوقوف على الشيء، يقال: جاز عنه وتجاوز، ثم استعمل بمعنى العفو؛ لأنه بمعنى الترك للذنب والمحاسبة عليه (٤)، ووعد الصدق من باب إضافة الشيء إلى نفسه؛ لأن الصدق هو ذلك الوعد الذي وعده الله فهو كقوله (٥): ﴿حَقُّ الْيَقِينِ﴾ [الواقعة: ٩٥] هذا على مذهب الكوفيين، وعند البصريين يكون التقدير: وعد الكلام الصدق، والكتاب الصدق فحذف الموصوف (٦).
وقوله: ﴿الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾، قال الكلبي: كانوا يوعدون في

(١) قال ابن كثير عند تفسير هذه الآية: أي هؤلاء المتصفون بما ذكرنا التائبون إلى الله المنيبون إليه المستدركون ما فات بالتوبة والاستغفار، هم الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم، فيغفر لهم الكثير من الزلل ونتقبل عنهم اليسير من العمل. انظر: "تفسير ابن كثير" ٦/ ٢٨٢.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٤٣.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٢/ ١٨، و"تفسير البغوي" ٧/ ٢٥٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ١٩٦، و"تفسير الوسيط" ٤/ ١٠٨.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" (جوز) ١١/ ١٤٩، و"الصحاح" (جوز) ٣/ ٨٧٠.
(٥) انظر: "وضح البرهان في مشكلات القرآن" ٢/ ٢٩٦.
(٦) انظر: "فتح القدير" للشوكاني ٥/ ١٩.


الصفحة التالية
Icon