واختيار الزجاج (١)، ويكون هذا من باب الإضمار على شريطة التفسير، القول الثاني: أن الضمير عاد إلى: (ما) في قوله: ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا﴾، فلما رأوا ما يوعدون (٢) عارضًا.
قال أبو زيد: العارض السحاب يراها في ناحية السماء (٣).
وقال أبو عبيدة: العارض من السحاب الذي يرى في قطر من أقطار السماء بالعشي، ثم يصبح وقد حبا حتى استوى (٤)، وهذا قول مقاتل: العارض بعض السحابة ثم تطبق السماء (٥).
قوله: ﴿مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ﴾ قال المفسرون: كان عاد قد حبس عنهم المطر أيامًا فساق الله إليهم سحابة سوداء فخرجت عليهم من واد لهم يقال له المغيث (٦)، فلما رأوه مستقبل أوديتهم استبشروا (٧) ﴿قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ والمعنى: ممطر إيانا، وهذا كقوله: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥]، وقد مر.
قال عمرو بن ميمون: كان هو قاعدًا في قومه فجاء سحاب

(١) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٢/ ٢٥، و"تفسير الثعلبي" ١٠/ ١١٤ ب، و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٤٥.
(٢) ذكر القولين السمين الحلبي في "الدر المصون" ٦/ ١٤١.
(٣) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٤/ ١٦٩.
(٤) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٢١٣.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٢٣.
(٦) المُغِيث: بالضم ثم الكسر وآخره ثاء مثلثة: اسم الوادي الذي هلك فيه قوم عاد، وقال أبو منصور: بين معدن النَّقْرة والرَّبذة ماء يعرف ماوان ماء وشروب. انظر: "معجم البلدان" ٥/ ١٦٢.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٢/ ٢٥، "تفسير الثعلبي" ١٠/ ١١٤ ب.


الصفحة التالية
Icon