مكفهر (١)، فقالوا: هذا عارض ممطرنا، فقال هود: ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ﴾ (٢) قال مقاتل: وكان استعجالهم حين قالوا لهود: ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا﴾ (٣) ثم بين ما هو فقال: ﴿رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ والريح التي عذبوا بها نشأت من ذلك السحاب الذي رأوه، قال ابن عباس: كانت الريح تطير بهم بين السماء والأرض حتى أهلكتهم (٤).
٢٥ - ثم وصف الريح فقال: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ قال مقاتل: تهلك كل شيء من الناس والدواب والأموال (٥).
وقال ابن عباس: يريد كل شيء بعثت إليه (٦).
﴿بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ بإذن ربها ﴿فَأَصْبَحُوا﴾ يعني: عادًا ﴿لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾ قرأه عاصم وحمزة: ﴿يُرَى﴾ بالياء مضمومة ﴿مَسَاكِنُهُمْ﴾ بالرفع، قال أبو إسحاق: تأويله لا يرى شيئًا إلا مساكنهم؛ لأنهم قد هلكوا (٧).
قال أبو علي: تذكير الفعل في هذه القراءة أحسن من لحاق علامة التأنيث، من أجل جمع المساكن، وذلك أنهم حملوا الكلام في هذا الباب على المعنى، فقالوا: ما قام إلا هند، ولم يقولوا: ما قامت، لما كان

(١) قال الأصمعي: (المكفهِرَ من السحاب: الذي يَغلَظ ويركَبْ بعضهُ بعضًا)، انظر: "تهذيب اللغة" (المكفهر) ٦/ ٥٠٨.
(٢) أخرج ذلك الطبري عن عمرو بن ميمون انظر "تفسيره" ١٣/ ٢/ ٢٦.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٢٣.
(٤) ذكر ذلك القرطبي في "الجامع" عن ابن عباس ١٦/ ٢٠٦، ونسبه في "الوسيط" لابن عباس، انظر: ٤/ ١١٣.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٢٥.
(٦) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٠٦.
(٧) انظر: "معاني الزجاج" ٤/ ٤٤٦.


الصفحة التالية
Icon