قال المبرد: (مَا) في قوله: ﴿فِيمَا﴾ بمنزلة (الذي)، و (إِن) بمنزلة (ما) وتقديره: ولقد مكناهم في الذي ما مكناكم فيه (١)، ونحو هذا قال الكسائي والفراء (٢)، والزجاج وزاد بيانًا فقال: (إن) في النفي مع (ما) التي في معنى (الذي) أحسن اللفظ من (ما) لاختلاف اللفظين (٣).
وقال ابن قتيبة: معنى الآية: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾ فزيدت (أن) (٤)، فقال ابن الأنباري (٥): وهذا غلط لأن كتاب الله -عز وجل- ليس فيه حرف لا معنى له، بل كل حرف يفيد فائدة ويزيد معنى، والعرب لا تزيد (إن) على (ما) إذا كانت بمعنى (الذي) والاستفهام والتعجب، بل يزيدونها عليها إذا كانت جحدًا على جهة التوكيد بها، فيقولون: ما إن قمت، وما إن لقيت عبد الله، يؤكدون الجَحْد "بإن" قال دريد ابن الصمة:
ما إنْ رأيتُ ولا سُمِعتُ به | كاليَوْمِ طالي أَيْنُقٍ صُهْب (٦) |
غُودِرت بعدَهم وكنتُ بطُولِ صُحْبتِهِم ضَنِينَا | ما إنْ رِأيْتُ ولا سَمِعْتُ بمِثْلِهِم في العَالَمِينا (٧) |
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٦/ ٥٦، و"إعراب القرآن" للنحاس ٤/ ١٧٠.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٤٦.
(٤) انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة ٢/ ١٣٠، و"تفسير غريب القرآن" ص ٤٠٨.
(٥) ذكر في "كتاب الاضداد" حول هذه الآية ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾ معناه: في الذي قد مكناكم فيه. انظر: "كتاب الأضداد" ص ١٨٩.
(٦) لم أقف عليه.
(٧) لم أقف عليه.