وقال آخرون: بل أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينذر الجِنَّة ويدعوهم إلى الله ويقرأ عليهم القرآن، فصرف إليه نفر من الجن ليستمعوا منه وينذروا قومهم، وهذا معنى قول قتادة (١)، واختلفوا في عدد النفر، فقال ابن عباس: كانوا سبعة (٢)، وقال الكلبي ومقاتل (٣): كانوا تسعة، وهو قول زر بن حبيش (٤)، وقوله: ﴿يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ﴾ من صفة النكرة، وهذا يدل على أنهم أتوا لاستماع القرآن؛ لأن المعنى: نفرًا مستمعين القرآن، أي طالبين سماعه، فهذا يدل على صحة القول الثاني.
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا حَضَرُوهُ﴾ إن عاد الضمير إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو من تلوين الخطاب، وإن عاد إلى القرآن وهو الظاهر، فالمعنى: فلما حضروا استماعه (٥) قالوا: انصتوا، قال زر بن حبيش: قالوا صَهٍ (٦)، وهو كلمة الإسكات.
(٢) أخرج ذلك الطبري عن ابن عباس، انظر: "تفسيره" ١٣/ ٢/ ٣٠، ونسبه في "الوسيط" لابن عباس، انظر: ٤/ ١١٥.
(٣) انظر: "تنوير المقباس" ص ٥٠٦، و"تفسير مقاتل" ٤/ ٢٧، ونسبه الهيثمي في مجمع الزوائد لابن عباس، انظر: ٧/ ١٠٦، ونسبه في "الوسيط" للكلبي ومقاتل، انظر: ٤/ ١١٥.
(٤) أخرج ذلك الطبري عن زر بن حبيش، انظر: تفسيره ١٣/ ٢/ ٣١، ونسبه الهيثمي في "مجمع الزوائد" لزر بن حبيش وقال: رواه البزار ورجاله ثقات. انظر: "مجمع الزوائد" ٧/ ١٠٦، وهو في "كشف الأستار" ٣/ ٦٨ عن زر.
(٥) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢١٥، و"الدر المصون" ٦/ ١٤٤.
(٦) أخرج ذلك الطبري عن زر. انظر: "تفسيره" ١٣/ ٢/ ٣٣، وأخرجه الهيثمي في "كشف الأستار" عن زر. انظر: "كشف الأستار" ٣/ ٦٨.