وقال الفراء: دخلت الباء لِلَم، والعرب تدخلها مع الجحد مثل قولك: ما أظنك بقائم، وما أظن أنك بقائم، وأنشد:

فَما رَجَعَتْ بخاَئِبةٍ رِكَابُ حَكِيمُ بنُ المسَيَّبِ مُنْتهَاها (١)
وهذا مذهب الكسائي (٢)، ونحو هذا قال الزجاج، وزاد بيانًا فقال: لو قلت: ظننت أن زيدًا بقائم، لم يجز ولو قلت: ما ظننت أن زيدًا بقائم، جاز بدخول (ما) قال ودخول (إن) إنما هو توكيد الكلام فكأنه في تقدير: أليس الله بقادر على أن يحيى الموتى (٣).
وزاد أبو علي شرحًا فقال: هذا من الحمل على المعنى، وأدخل الباء لما كان الكلام في معنى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ﴾ [يس: ٨١].
قال: ومثل ذلك من الحمل على المعنى:
بَادَتْ وغَيَّرَ آيَهُنَّ مَعَ البِلَى إلاَّ رَوَاكدَ جَمْرُهُنَّ هَبَاءُ (٤)
ومُشَجَّجٌ أمَّا سَواءُ قَذَاله فبدا وغيب سَارَه المَعْزَاءُ (٥)
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٥٦، ٥٧، وانظر: "مغني اللبيب" ١/ ٩٤، و"تفسير الطبري" ١٣/ ٢/ ٣٥، وانظر: "الجنى الداني في حروف المعاني" للمرادي ص ٥٥، وقد نسبه: للقحيف العقيلي. وانظر: "بصائر ذوي التمييز" للفيروزابادي ٢/ ١٩٥.
(٢) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٤/ ١٧٤.
(٣) انظر:"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٤٧.
(٤) معنى بادت: تغيرت وبليت، أي: غير البيود آيهن، والآي: جمع آية، وهي آثار الديار وعلاماتها، والبلى: تقادم العهد، والرواكد: الأثافي لركودها وثبوتها، والهباء: الغبار جعل الجمر كالهباء لقدمه وانسحاقه.
(٥) هذا موضع الشاهد والمشجج: الوتد من أوتاد الخباء وتشجيجه: ضرب رأسه لتثبيته، والقذال: عني به أعلى الوتد وهو من الدابة معقد العذار بير الأذنين وسواؤه: وسطه، وساره: سائره أي جميعه، وهي لغة في سائره. والمعزاء: =


الصفحة التالية
Icon