وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ﴾ قال ابن عباس: يريد العذاب، ومفعول الاستعجال محذوف من الكلام، وهو ما ذكره ابن عباس (١)، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- ضجر بعض الضمير وأحب أن ينزل الله العذاب بمن أبى من قومه، فأمر بالصبر وترك الاستعجال، ثم أخبر أن ذلك منهم قريب (٢) بقوله: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ﴾ أي: من العذاب في الآخرة: ﴿لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ﴾ وقال الكلبي: لم يمكثوا في القبور إلا ساعة (٣)، وقال مقاتل: لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من نهار (٤)، والمعنى أنهم إذا عاينوا العذاب صار طول لبثهم في الدنيا والبرزخ كأنه ساعة من النهار، أو كأنه لم يكن لهول ما عاينوا؛ ولأن الشيء إذا مضى كأنه لم يكن وإن كان طويلاً ألا تسمع قول القائل:
كأنَّ شيئًا لم يَكُنْ إذا مَضَى | كأنَّ شيئًا لم يَزَل إذا أَتَى (٥) |
(٢) انظر: "تفسير البغوي" ٧/ ٢٢، و"زاد المسير" ٧/ ٣٩٣، و"تفسير الوسيط" ٤/ ١١٧.
(٣) انظر: "تفسير الماوردي" ٥/ ٢٨٩، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٢٢، وقد نسبا القول للنقاش.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٣٢، و"تفسير الطبري" ١٣/ ٢ / ٣٧.
(٥) لم أقف عليه.
(٦) انظر: "القطع والائتناف" ص ٦٦٤.