على ذلك، لم ينسخ من أحكامهم شيء، والإمام مخير في الذكور والمذكورين منهم بين أربع خلال وهي: القتل والاسترقاق والفداء والمن، إذا لم يدخل ذلك ميل بهوى في العفو ولا طلب الذّحل (١) في العقوبة، ولكن على النظر للإسلام وأهله، هذا كلامه (٢).
ومذهب الشافعي رحمه الله مثل ما ذكر (٣) في أحكام الأسارى من تخير الإمام في هذه الأربع الخلال في الأسارى الوثنية وفي أهل الكتاب (٤)، يزيد حكم خامس؛ وهو: أخذ الجزية عنهم إذا قبلوها وإن كان بعد الأسر.
قوله تعالى: ﴿حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ تفسير الأوزار ومأخذها من اللغة قد تقدم (٥).

(١) طلب الذحل: أي طلب الثأر. وقيل: وطلب مكافأة بجناية جنيت عليك أو عداوة أتيت إليك. انظر: "تهذيب اللغة" (ذحل) ٤/ ٤٦٥، "اللسان" (ذلل) ١١/ ٢٥٦.
(٢) الناسخ والمنسوخ" لأبي عبيد ص ٢١١ - ٢١٦.
(٣) انظر: "أحكام القرآن" للشافعي ١/ ١٥٨.
(٤) قال ابن قدامة: من أسر من أهل الحرب على ثلاثة أضرب: أحدها النساء والصبيان. فلا يجوز قتلهم ويصيرون رقيقًا للمسلمين؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل النساء والولدان، وكان عليه الصلاة والسلام يسترقهم إذا سباهم. الثاني: الرجال من أهل الكتاب والمجوس الذين يقرون بالجزية فيتخير الإمام فيهم بين أربعة أشياء: القتل، والمن بغير عوض، والمفاداة بهم، واسترقاقهم. الثالث: الرجال من عبدة الأوثان وغيرهم ممن لا يقر بالجزية فيتخير الإمام فيهم بين ثلاثة أشياء: القتل أو المن والمفاداة ولا يجوز استرقاقهم، وعن أحمد جواز استرقاقهم وهو مذهب الشافعي. وبما ذكرنا في أهل الكتاب قال الأوزاعي والشافعي وأبو ثور. انظر: "المغني" لابن قدامة ١٣/ ٤٤.
(٥) قال الفراء في قول الله جل وعز: ﴿حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ قال: يريد آثامها وشركها حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم. انظر: "تهذيب اللغة" (وزر) ١٣/ ٢٤٣، =


الصفحة التالية
Icon